أدعوكم في أخراكم!! أنسيتم يوم الأحزاب؟ إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا!! فقال المسلمون: صدق الله ورسوله، فهو أعظم الفتوح، والله يا نبي الله ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولانت أعلم بالله وبالأمور منا.
ذكر نزول سورة الفتح ومرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ظهر في ذلك من الآيات روى الإمام أحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن حبان وابن مردويه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر يعني " الحديبية " فسألته عن شئ ثلاث مرات، فلم يرد علي، فقلت في نفسي: أمك يا ابن الخطاب، نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات فلم يرد عليك، فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل في القران، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شئ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " لقد أنزلت علي الليلة سورة هي أحب إلى من الدنيا وما فيها (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) [الفتح 1، 2].
وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد، وابن سعد، وأبو داود، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم - وصححه - وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، عن مجمع بن جارية الأنصاري - رضي الله عنه - قال: شهدنا " الحديبية " مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انصرفنا عنها إلى كراع الغميم إذا الناس يوجفون الأباعر، فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته عند " كراع الغميم " فاجتمع الناس إليه فقرا عليهم (انا فتحنا لك فتحا مبينا) الفتح (1) فقال رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو هو فتح؟ فقال: " أي والذي نفسي بيده انه فتح " زاد ابن سعد: فلما نزل بها جبريل قال: ليهنئك يا رسول الله، فلما هناه جبريل هناه الناس (1).
وروى عبد الرزاق والإمام أحمد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والشيخان والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم عن أنس - رضي الله عنه - قال: لما رجعنا من " الحديبية " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أنزلت علي ضحى آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا "