خرج منها من التمر، وقالوا: دعنا يا محمد نكون في هذه الأرض. نصلحها، ونقوم عليها، ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها، فأعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشئ ما بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي لفظ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " نقركم فيها على ذلك ما شئنا، وفي لفظ " ما أقركم الله " (1).
وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة خرص ابن رواحة، وأرادوا أن يرشوا ابن رواحة، فقال: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي، ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، فاقاموا بأرضهم على ذلك.
فلما كان زمان عمر، غشوا المسلمين، وألقوا عبد الله بن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه، ويقال بل سحروه بالليل وهو نائم على فراشه، فكوع حتى أصبح كأنه في وثاق، وجاء أصحابه، فأصلحوا من يديه، فقام عمر خطيبا في الناس، فقال: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل يهود خيبر على أموالها، وقال: نقركم ما أقركم الله، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، وهم تهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم. فمن كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها، فلما أجمع على ذلك، قال رئيسهم، وهو أحد بني الحقيق: لا تخرجنا ودعنا نكون فيها كما أقرنا أبو القاسم وأبو بكر، فقال عمر لرئيسهم: أتراني سقط عني قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كيف بك، إذا ارفضت بك راحلتك تؤم الشام يوما، ثم يوما؟ " وفي رواية: أظننت أني نسيت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كيف بك إذا خرجت من خيبر يعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة " فقال: تلك هزيلة من أبي القاسم، قال: كذبت، وأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة مالهم من التمر: مالا، وعروضا من أقتاب وحبال، وغير ذلك، وسيأتي في أبواب الوفاة النبوية قوله - صلى الله عليه وسلم -:
" أخرجوا اليهود من جزيرة العرب " (2).
ذكر قصة الشاء المسمومة وما وقع في ذلك من الآيات روى الشيخان عن أنس، والإمام أحمد، وابن سعد، وأبو نعيم عن ابن عباس، والدارمي، والبيهقي عن جابر، والبيهقي بسند صحيح - عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك، والطبراني