الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلت فيه المسلمون، فما بقي فقد رأيت عبرا، وقد ضرب الاسلام بجرانه، ولم يبق أحد، ودانت العرب والعجم لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فعز محمد لنا عز، وشرفه لنا شرف، فوالله إني لعلى ما أنا عليه إن شعرت إلا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلقاني بالجعرانة كنة لكنة فقال: " النضير؟ " قلت: " لبيك، فقال: " هذا خير لك مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك وبينه " فأقبلت إليه سريعا، فقال: " قد آن لك أن تبصر ما أنت فيه توضع قلت: قد أرى أن لو كان مع الله - تعالى - إلها غيره لقد أغنى شيئا، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " اللهم زده ثباتا " قال النضير: فوالله الذي بعثه بالحق لكأن قلبي حجر ثباتا في الدين وبصيرة في الحق، وذكر الحديث (1).
ذكر ثبات رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ورميه الكفار، ونزوله عن بغلته، ودعائه ربه سبحانه وتعالى، وما وقع في ذلك من الآيات روى ابن إسحاق، والإمام أحمد عن جابر بن عبد الله، وابن إسحاق، وعبد الرزاق، ومسلم عن العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم، قال العباس: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم: يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نفارقه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلة له شهباء، قال عبد الرزاق: وربما قال معمر: بيضاء، أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، قال فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركض بغلته قبل الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: أكفها أن لا تسرع، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين، وأبو سفيان بن الحارث آخذ، بركاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية بغرزه، وفي رواية بثغره، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي سفيان بن الحارث وهو مقنع في الحديد، فقال: " من هذا " فقال: ابن عمك يا رسول الله، وفي حديث البراء: وأبو سفيان ابن عمه يقود به، قال ابن عقبة - رحمه الله تعالى: وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركابين، وهو على البغلة، فرفع يديه إلى الله - تعالى - يدعو يقول: " اللهم إني أنشدك ما وعدتني.. اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا " انتهى.
قال العباس: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يا عباس!! ناديا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة " (2).
قال العباس - وكنت رجلا صيتا - فقلت بأعلى صوتي: أين الأنصار، أين أصحاب