وصفهم صفوفا في السحر، ووضع الألوية والرايات في أهلها، ولبس در عين والمغفر والبيضة، وركب بغلته البيضاء، واستقبل الصفوف، وطاف عليهما بعضها خلف بعض ينحدرون فحضهم على القتال وبشرهم بالفتح إن صدقوا وصبروا، وقدم خالد بن الوليد في بني سليم وأهل مكة، وجعل ميمنة وميسرة وقلبا، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم فيه ذكر إعجاب المسلمين كثرتهم يوم حنين روى يونس بن بكير في زيادات المغازي عن الربيع بن أنس قال: قال رجل يوم حنين:
لن نغلب من قلة: فشق ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت الهزيمة.
وروى ابن المنذر عن الحسن قال: لما اجتمع أهل مكة وأهل المدينة قالوا: الان نقاتل حين اجتمعنا، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قالوا مما أعجبهم من كثرتهم، فالتقوا فهزموا حتى ما يقوم أحد على أحد.
وروى أبو الشيخ والحاكم - وصححه - وابن مردويه والبزار عن أنس - رضي الله عنه - قال: لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم فقال القوم: اليوم والله نقاتل، ولفظ البزار، فقال غلام من الأنصار يوم حنين لن نغلب اليوم من قلة، لما هو إلا أن لقينا عدونا فانهزم القوم، وولوا مدبرين (1).
وروى محمد بن عمر عن ابن شهاب الزهري، قال رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو لقينا بني شيبان ما بالينا، ولا يغلبنا اليوم أحد من قلة. قال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل مكة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين فصل من مكة إلى حنين، ورأى كثرة من معه من جنود الله تعالى: " لن نغلب اليوم من قلة "، كذا في هذه الرواية (2).
والصحيح أن قائل ذلك غير النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق.
قال ابن إسحاق: وزعم بعض الناس أن رجلا من بني بكر قالها.
وروى محمد بن عمر عن سعيد بن المسيب - رحمه الله تعالى - أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله لن نغلب اليوم من قلة كذا في هذه الرواية، وبذلك جزم ابن عبد البر.
قال ابن عقبة: ولما أصبح القوم ونظر بعضهم إلى بعض، أشرف أبو سفيان، وابنه معاوية، وصفوان ابن أمية، وحكيم بن حزام على تل ينظرون لمن تكون الدائرة.