والبلد البعيد إلى ما لا طاقة له به، يحسب محمد ان قتال بني الأصغر معه اللعب، والله لكأني انظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال، ارجافا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبأصحابه.
قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب: خرج المسلمون في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير واحد. رواه البيهقي، وخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناس من المنافقين لم يخرجوا الا رجاء الغنيمة.
ولما رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثنية الوداع عقد الأولوية والرايات، فدفع لواءه الأعظم إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ورايته العظمى إلى الزبير بن العوام، ودفع راية الأوس إلى أسيد بن الحضير، وراية الخزرج إلى أبي دجانة، ويقال إلى الحباب بن المنذر، وأمر كل بطن من الأنصار أن يتخذ لواء، ورأى رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - برأس الثنية عبدا متسلحا، فقال العبد:
أقاتل معك يا رسول الله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ارجع إلى سيدك لا تقتل معي فتدخل النار "، ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج معنا الا مقو فخرج رجل على بكر صعب فصرعه بالسويداء، فقال الناس: الشهيد الشهيد فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديا: لا يدخل الجنة عاص.
وكان دليله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك علقمة بن الفغواء الخزاعي - رضي الله عنه -.
ذكر تخلف أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - لما عجز بعيره، وما وقع في ذلك من الآيات وروى ابن إسحاق عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك جعل بتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان، فيقول " دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه " حتى قيل: يا رسول الله، تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه " (1) وتلوم أبو ذر على بعيره، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشيا، قال محمد بن عمر: قالوا: وكان أبو ذر الغفاري يقول: أبطأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك من أجل بعيري.
وكان نضوا أعجف، فقلت أعلفه أياما ثم ألحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلفته أياما، ثم