عم، جئتك من عند أبر الناس، وأوصل الناس، وخير الناس، لا تهلك نفسك، فوقف لها حتى أدركته، فقالت له: إني قد استأمنت لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فامنك، فرجع معها وقالت: ما لقيته من غلامك الرومي وأخبرته خبره فقتله وهو يومئذ لم يسلم.
فلما وافى مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا فلا تسبوا أباه، فان سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت " فجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها فتأبى عليه وتقول: أنت كافر وأنا مسلمة، فقال: إن أمرا منعك مني لأمر كبير قال ابن عقبة والزهري فيما رواه البيهقي وعروة وغيرهما: فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عكرمة وثب إليه - وما علا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رداء فرحا بعكرمة، ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقف عكرمة بين يديه ومعه زوجته متنقبة، فقال: يا محمد!! إن هذه أخبرتني أنك أمنتني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " صدقت فأنت آمن " قال عكرمة: فالأم تدعو يا محمد؟ قال: " أدعو إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفعل وتفعل " حتى عد خصال الاسلام، فقال عكرمة: والله ما دعوت إلا إلي خير وأمر حسن جميل، قد كنت فينا يا رسول الله قبل أن تدعونا - إلى ما دعوتنا إليه - وأنت أصدقنا حديثا، وأبرنا برا، ثم قال عكرمة: فاني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال:
يا رسول الله: علمني خير شئ أقوله، قال: " تقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله "، قال عكرمة: ثم ماذا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " تقول: " أشهد الله وأشهد من حضر أني مسلم مجاهد مهاجر "، فقال عكرمة ذلك (1).
ذكر إسلام صفوان بن أمية - رضي الله عنه روى ابن إسحاق عن عروة بن الزبير، والبيهقي عن الزهري، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا: خرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن، فقال عمير بن وهب: يا نبي الله - إن صفوان بن أمية سيد قومي وقد خرج هاربا منك، ليقذف نفسه في البحر، فامنه صلى الله عليك وسلم - قال: " هو آمن " فخرج عمير حتى أدركه - وهو يريد أن يركب البحر - وقال صفوان لغلامه يسار - وليس معه غيره - ويحك!! أنظر من ترى؟ قال: هذا عمير بن وهب، قال صفوان: ما أصنع بعمير بن وهب، والله ما جاء إلا يريد قتلي قد ظاهر علي محمدا، فلحقه فقال: يا أبا وهب جعلت فداك، جئت من عند أبر الناس، وأوصل الناس، فداك أبي وأمي الله الله في نفسك أن تهلكها، هذا أمان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جئتك به. قال: ويحك