محمد كذا وكذا، حتى ينتهي إلى قريش ببلدح ورجع بشر بن سفيان (1) الذي بعثه عينا له من مكة وقد علم خبر مكة والقوم، فلقي رسل الله - صلى الله عليه وسلم - بغدير الاشطاط (2) وراء عسفان فقال:
يا رسول الله!! هذه قريش سمعت بمسيرك، فخرجوا ومعهم العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، وقد نزلوا بذي طوى يعاهدون الله تدخلها عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدمها إلى كراع الغميم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله تعالى عليهم دخلوا في الإسلام وافرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش؟ فوالله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله تعالى به حتى يظهره الله - تعالى - أو تنفرد هذه السالفة).
ذكر مشاورته - صلى الله عليه وسلم - وصلاته صلاة الخوف ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:
(أما بعد: يا معشر المسلمين أشيروا علي أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم) وقال: (فإن قعدوا موتورين محروبين وإن يأتونا تكن عنقا. وفي لفظ: عينا - قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟) فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: الله ورسوله أعلم، يا رسول الله إنما جئنا معتمرين ولم نجئ لقتال أحد، ونرى أن نمضي لوجهنا، فمن صدنا عن البيت قاتلناه، ووافقه على ذلك أسيد بن الحضير.
وروى ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة عن أبيه ومحمد بن عمر عن شيوخه. أن المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال بعد كلام أبي بكر: إنا والله يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون) انتهى.