وخرج أهل القرية إلى مزارعهم بمكاتلهم. مساحيهم، فلما رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: محمد والخميس. فأدبروا هربا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفع يديه: " الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " (1).
وروى الترمذي وابن ماجة والبيهقي، بسند ضعيف عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر على حمار مخطوم برسن من ليف، وتحته إكاف من ليف (2).
قال ابن كثير: الذي ثبت في الصحيح، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرى في زقاق خيبر حتى أنحسر الازار عن فخذه فالظاهر أنه كان يومئذ على فرس لا على حمار، قال: ولعل هذا الحديث - إن كان صحيحا - محمول على أنه ركبه فبعض الأيام، وهو محاصرها.
قال محمد بن عمر - رحمة الله - وجاء الحباب - بضم الحاء المهملة، وموحدتين ابن المنذر - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله إنك نزلت منزلك هذا، فإن كان من أمر أمرت به فلا نتكلم، وإن كان الرأي تكلمنا. فقال - صلى الله عليه وسلم - " هو الرأي " فقال: يا رسول الله. دنوت من الحصون، ونزلت بين ظهري النخل، والنز مع أن أهل النطاة لي بهم معرفة، ليس قوم أبعد مدى سهم منهم، ولا أعدل رمية منهم، وهم مرتفعون علينا، ينالنا نبلهم، ولا نأمن من بياتهم، يدخلون في خمر النخل فتحول يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى موضع برئ ممن النز ومن الوباء نجعل الحرة بيننا وبينهم حتى لا تنالنا نبالهم ونأمن من بياتهم ونرتفع من النز، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أشرت بالرأي، ولكن نقاتلهم هذا اليوم " (3).
ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة - رضي الله عنه - فقال: انظر لنا منزلا بعيدا من حصونهم بريئا من الوباء، نأمن فيه من بياتهم، فطاف محمد حتى أتى الرجيع، ثم رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله وجدت لك منزلا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " على بركة الله " (4).
ذكر ابتدائه - صلى الله عليه وسلم - باهل النطاة صف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ووعظهم وأنهاهم عن القتال حتى يأذن لهم، فعمد رجل من أشجع فحمل على يهودي فقتله، فقال الناس: أستشهد فلان،