وروى البيهقي عن محمد بن عمر عن شيوخه، قالوا: كان أبو شييم المزني - رضي الله عنه قد أسلم فحسن إسلامه يحدث ويقول: لما نفرنا إلى أهلنا مع عيينة بن حصن فرجع بنا عيينة، فلما كان دون خيبر عرسنا من الليل، ففزعنا، فقال عيينة: أبشروا، إني رأيت الليلة في النوم أني أعطيت ذو الرقيبة - جبلا بخيبر - قد والله أخذت برقبة محمد - صلى الله عليه وسلم - فلما أن قدمنا خيبر - قدم عيينة، فوجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فتح خيبر، فقال عيينة: يا محمد! أعطني مما غنمت من حلفائي، فانى قد خرجت عنك وعن قتالك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كذبت ولكن الصياح الذي سمعت أنفرك إلى أهلك قال: أخذني يا محمد؟ قال: " لك ذو الرقيبة " قال عيينة: وما ذو الرقيبة؟ قال " الجبل الذي رأيت في منامك أنك أخذته " فانصرف عيينة، فلما رجع إلى أهله جاءه الحارث بن عوف، وقال: ألم أقل لك توضع في غير شئ، فالله، ليظهرن محمد على ما بين المشرق والمغرب، يهود كانوا يخبروننا بهذا أشهد لسمعت أبا رافع سلام بن مشكم يقول: إنا لنحسد محمدا على النبوة، حيث خرجت من بني هارون، وهو نبي مرسل، ويهود لا تطاوعني على هذا، ولنا منه ذبحان واحد بيثرب وآخر بخيابر (1).
ذكر مصالحة أهل فدك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر فدنا منها بعث محيصة بن مسعود الحارثي إلى فدك يدعوهم إلى الاسلام ويخوفهم أن يغزوهم كما غزا أهل خيبر. ويحل بساحتهم، قال محيصة فجئتهم فأقمت عندهم يومين، فجعلوا يتربصون ويقولون بالنطاة عامر وياسر والحارث، وسيد اليهود ومرحب، ما نرى محمدا بقرب حراهم، إن بها عشرة آلاف مقاتل، قال محيصة:
فلما رأيت خبثهم أردت أن أرجع، فقالوا: نحن نرسل معك رجالا منا يأخذون لنا الصلح، ويظنون أن يهود تمتنع، فلم يزالوا كذلك حتى جاءهم قتل أهل حصن ناعم، وأهل النجدة منهم، ففت ذلك أعضادهم، فقدم رجل من رؤسائهم يقال له نون بن يوشع في نفر من يهود، فصالحوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يحقن دماءهم ويجليهم، ويخلوا بينه وبين الأموال، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقال: عرضوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا من بلادهم، ولا يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم من الأموال شئ، فإذا كان أوان جذاذها جاءوا فجذوها، فابى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبل ذلك، وقال لهم محيصة: ما لكم منعة ولا حصون ولا رجال، ولو بعث إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة رجل لساقوكم إليه، فوقع الصلح بينهم بان لهم نصف الأرضين بتربتها، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصفها، فقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، يقول محمد بن عمر:
وهذا أثبت القولين، وأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم يأتهم، فلما كان عمر بن