وروى محمد بن عمر عن يزيد بن أسلم، وأبي الحويرث - رحمهما الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى إلى قديد قيل له: يا رسول الله هل لك في بيض النساء، وأدم الإبل؟ بني مدلج، فقال: - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله عز وجل حرمهن علي بصلة الرحم ". وفي لفظ " ببر الوالد، ووكزهم في لبات الإبل ".
وقدم العباس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلما. قال ابن هشام: لقيه بالجحفة فأرسل ثقله إلى المدينة، وسار مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال البلاذري: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هجرتك يا عم آخر هجرة، كما أن نبوتي آخر نبوة " وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة لقياه بنقب العقاب، وستأتي قصة إسلامهما في ترجمتهما.
ذكر فطره - صلى الله عليه وسلم - وأمره به روى مسلم، والترمذي عن جابر، والشيخان، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي عن ابن عباس - رضي الله عنهم - ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة في غزوة الفتح في رمضان يصوم ويصومون، حتى بلغ الكديد (1) بين عسفان وقديد، وفي رواية بين عسفان وأمج (2)، وفي حديث جابر: كراع الغميم، بلغه أن الناس شق عليهم الصيام، وقيل له: إنما ينظرون فيما فعلت، فلما استوى على راحلته بعد العصر دعا باناء من لبن، أو ماء، وجزم جابر بأنه ماء. وكذا ابن عباس، وفي رواية: فوضعه على راحلته ليراه الناس، فشرب فأفطر، فناوله رجلا إلى جنبه فشرب فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس صام، فقال: " أولئك العصاة، أولئك العصاة " فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر (3).
وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن صيام، فنزلنا منزلا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم " وكانت رخصة، فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال:
" إنكم مصبحوا عدوكم، والفطر أقوى لكم، فافطروا " فكانت عزيمة، فأفطرنا (4).