بني قريظة فنزل قريبا من حصنهم على بئر انا بأسفل حرة بني قريضة، فلما رآه علي - رضي الله عنه - رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمرني أن الزم اللواء، فلزمته، وكره أن يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذاهم وشتمهم. فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخابيث; فان الله - تعالى - كافيك اليهود. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لم تأمرني بالرجوع؟ فكتمه ما سمع، فقال: (أظنك سمعت منهم لي أذى) فقال: نعم يا رسول الله. قال: (لو رآني لم يقولوا من ذلك شيئا). فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، وتقدمه أسيد بن الحضير - فقال: يا أعداء الله: لا نبرح عن حصنكم حتى تموتوا جوعا، إنما أنتم بمنزلة ثعلب في حجر، فقالوا: يابن الحضير:
نحن مواليك دون الخزرج، وخاروا، فقال: لا عهد بيني وبينكم ولا الا وذمة، ودنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترسنا عنه، ونادى بأعلى صوته نفرا من أشرافهم، حتى أسمعهم فقال: (أجيبوا يا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت هل أخزاكم الله وانزل بكم نقمته؟ أتشتموني؟! فجعلوا يحلفون ما فعلنا، ويقولون: يا أبا القاسم ما كنت جهولا، وفي لفظ ما كنت فاحشا. واجتمع المسلمون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشاء، وبعت سعد بن عبادة - رضي الله عنه - بأحمال تمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين. فكان طعامهم، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ (نعم الطعام التمر).
[ذكر محاصرة المسلمين لبني قريظة] غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سحرا، وقدم الرماة وعبأ أصحاب فأحاطوا بحصون يهود ورموهم بالنبل والحجارة، وهم يرمون من حصونهم حتى أمسوا، فباتوا حول الحصون، وجعل المسلمون يعتقبون، يعقب بعضهم بعضا، فما برح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يراميهم حتى أيقنوا بالهكلة، وتركوا رمي المسلمين وقالوا: دعونا نكلمكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (نعم) فأنزلوا نباش بن قيس، فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن ينزلوا على ما نزلت عليه بنو النظير من الأموال والحلقة وتحقق دماءنا، ونخرج من بلادك بالنساء والذراري، ولنا ما حلمت الإبل إلا الحلقة، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن ينزلوا إلى حكمه، وعاد نباش إليهم بذلك.
[ذكر اعتراف كعب بن أسد كبير بني قريظة وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم] فلما عاد نباش إلى قومه، وأخبرهم الخبر، قال كعب بن أسد: يا معشر بني قريظة، والله قد نزل بكم من الامر ما ترون وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا ما شئتم منها، قالوا: وما هي؟ قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه. فوالله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في