ليلة الفتح، لم يزالوا في تكبير وتهليل وطواف بالبيت حتى أصبحوا فقالوا أبو سفيان لهند:
أترين هذا من الله؟ قالت: نعم هذا من الله قال: ثم أصبح فغدا أبو سفيان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت لهند أترين هذا من الله؟؟ قالت: نعم هذا من الله " فقال أبو سفيان: أشهد أنك عبد الله ورسوله، والذي يحلف به ما سمع قولي هذا أحد من الناس إلا الله عز وجل وهند.
وروى ابن سعد، والحارث بن أبي أسامة، وابن عساكر عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم - رحمه الله تعالى - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو سفيان جالس في المسجد فقال أبو سفيان: ما أدري بما يغلبنا محمد؟ فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب صدره وقال: " بالله - تعالى - نغلبك " فقال أبو سفيان: أشهد أنك رسول الله (1).
وروى العقيلي وابن عساكر عن ابن عباس - رضي الله تعالى - عنهما - قال: لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان بن حرب في الطواف فقال: " يا أبا سفيان هل كان بينك وبين هند كذا وكذا؟ فقال أبو سفيان: فشت علي هند سري، لأفعلن بها ولأفعلن، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طوافه لحق بابي سفيان فقال: " يا أبا سفيان، لاتكلم هندا فإنها لم تفش من سرك شيئا " فقال أبو سفيان: أشهد أنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
ذكر مبايعته - صلى الله عليه وسلم - الناس على الاسلام روى الإمام أحمد، والبيهقي عن الأسود بن خلف - رضي الله تعالى عنه - أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع الناس يوم الفتح. قال: جلس عند قرن مسفلة، فبايع الناس على الاسلام فجاءه الكبار والصغار، والرجال والنساء، فبايعهم على الايمان بالله - تعالى - وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله (2).
وقال الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير - رحمه الله تعالى -: اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الاسلام، فجلس لهم - فيما بلغني - على الصفا، وعمر بن الخطاب أسفل من مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا، فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة، امرأة أبي سفيان متنقبة متنكرة خوفا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبرها بما كان من صنيعها بحمزة، فهي تخاف أن يأخذ بحدثها ذلك، فلما دنين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " بايعنني على ألا تشركن بالله