ولا تجزعوا منها فان سيوفنا * لها وقعة بالموت يفتح بابها قال ابن إسحاق: وقول حسان - رضي الله عنه: بأيدي رجال لم يسلوا سيوفهم: يعني قريشا، وابن أم مجالد، عكرمة بن أبي جهل.
واستخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين الغفاري، ويقال ابن أم مكتوم، وذكره ابن سعد، والبلاذري، والأول هو الصحيح، وقد رواه الإمام أحمد والطبراني بسند حسن عن ابن عباس - رضي الله عنهما (1).
ذكر خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة قاصدا مكة قال محمد بن عمر - رحمه الله تعالى - خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأربعاء بعد العصر لعشر خلون من رمضان، ونادى مناديه: " من أحب أن يصوم فليصم، ومن أحب أن يفطر فليفطر " وصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما حل عقدة حتى انتهي إلى الصلصل، وخرج في المهاجرين والأنصار، وطوائف من العرب، وقادوا الخيل، امتطوا الإبل، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمامه الزبير بن العوام في مائتين من المسلمين، ولما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيداء قال فيما رواه محمد بن عمر عن أبي سعيد الخدري: " إني لارى السحاب يستهل بنصر بني كعب " (2).
ولما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العرج (3) وهو صائم، صب الماء على رأسه ووجهه من العطش - كما رواه الامام مالك، ومحمد بن عمر عن رجل من الصحابة - وروى الحاكم في الإكليل بسند صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرج يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم "، ولما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العرج - وكان فيما بين العرج والطلوب - نظر إلى كلبة تهر عن أولادها، وهن حولها يرضعنها، فامر جميل بن سراقة - رضي الله عنه - أن يقوم حذاءها، لا يعرض لها أحد من الجيش، ولا لأولادها.
وقدم - صلى الله عليه وسلم - بمائة جريدة تكون أمام المسلمين، فلما كانوا بين العرج والطلوب أتوا بعين من هوازن، فاستخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أن هوازن تجمع له فقال: " حسبنا الله ونعم الوكيل " فامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد أن يحبسه لئلا يذهب فيحذر الناس، ولما بلغ قديدا (4) لقيته سليم هناك، فعقد الألوية والرايات، ودفعها إلى القبائل.