ذكر دعائه - صلى الله عليه وسلم - على من أبي أن يرد شيئا من السبي أن يخيس روى أبو نعيم عن عطية السعدي - رضي الله عنه - أنه كان ممن كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبي هوازن، وكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، فردوا عليهم سبيهم الا رجلا واحدا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم أخس سهمه " فكان يمر بالجارية فيدع ذلك حتى مر بعجوز، فقال آخذ هذه فإنها أم حي فيفدونها عليه. فكبر عطية وقال: خذها.
خذها والله ما فوها ببارد * ولا ثديها بناهد ولا زوجها بواحد * عجوز يا رسول الله ما لها أحد فلما رأى أنه لا يعرض لها أحد تركها.
وذكر ابن إسحاق ومحمد بن عمر واللفظ له: أن عيينة بن حصن حين أبي أن يرد حظه من السبي خيروه في ذلك، فنظر إلى عجوز كبيرة، فقال: هذه أم الحي، لعلهم أن يغلوا فداءها، فإنه عسى أن يكون لها في الحي نسب، فجاء ابنها إلى عيينة فقال: هل لك في مائة من الإبل؟ فقال عيينة: لا، فرجع عنه وتركه ساعة فقالت العجوز: ما أربك في، بعد مائة ناقة، أتركه فما أسرع أن يتركني بغير فداء، فلما سمعها عيينة قال: ما رأيت كاليوم خدعة، قال: ثم مر عليه ابنها فقال له عيينة: هل لك في العجوز لما دعوتني إليه؟ قال ابنها: لا أزيدك على خمسين. قال عيينة: لا أفعل، قال: فلبث ساعة ثم مر به أخرى وهو يعرض عنه فقال له عيينة:
هل لك في العجوز بالذي بذلت لي؟ قال الفتى: لا أزيدك على خمس وعشرين فريضة هذا الذي أقوى عليه، قال عيينة: لا أفعل والله، بعد مائة فريضة خمس وعشرون!! فلما تخوف عيينة أن يتفرق الناس ويرتحلوا، جاء عيينة فقال: هل لك إلى ما دعوتني إليه إن شئت؟ فقال الفتى: هل لك في عشر فائض أعطيكها، قال عيينة: والله لا أفعل، قال الفتى:
والله ما ثديها بناهد ولا بطنها بوالد، ولا فوها ببارد، ولا صاحبها بواجد، فأخذتها من بين من ترى، قال عيينة: خذها لا بارك الله لك فيها، فقال الفتى: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كسا السبي فأخطأها من بينهم بالكسوة، فهل أنت كاسيها ثوبا؟ فقال: لا والله ما ذلك لها عندي، قال: لا وتفعل، فما فارقه حتى أخذ منه سمل ثوب، ثم ولى الفتى وهو يقول: والله إنك لغير بصير بالفرض.
وذكر محمد بن إسحاق إنه ردها بست فرائض.
وروى البيهقي عن الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أنه ردها بلا شئ.