لاتقى "، ورواية ابن إسحاق: فكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به. وعند الواقدي من حديث ابن عباس: قال عمر:
لقد أعتقت بسبت ذلك رقابا وصمت دهرا، وأما قوله: ولم يكن شك، فان أراد نفي الشك فواضح، وقد وقع في رواية ابن إسحاق أن أبا بكر لما قال له الزم غرزه فإنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عمر: أنا أشهد أنه رسول الله، وان أراد نفي الشك في وجود المصلحة وعدمها فمردود، وقد قال السهيلي - رحمه الله - هذا الشك ما لا يستمر صاحبه عليه، وانما هو من باب الوسوسة، كذا قال الحافظ. والذي يظهر أنه توقف معه ليقف على الحكمة في القصة، وتنكشف عنه الشبهة، ونظيره قصته في الصلاة على عبد الله بن أبي، وإن كان في الأول لم يطابق اجتهاده الحكم، بخلاف الثانية، وهي هذه القصة، وانما عمل الأعمال المذكورة لهذه، والا فجميع ما صدر منه كان معذورا فيه، بل هو مأجور، لأنه مجتهد فيه.
الخامس والثلاثون: إنما توقف المسلمون في النحر والحلق بعد الامر بهما، لاحتمال أن يكون الامر بذلك للندب، أو لرجاء نزول الوحي بابطال الصلح المذكور، وتخصيصه بالاذن بدخولهم مكة ذلك العام لاتمام نسكهم، ويسوغ لهم ذلك، لأنه كان زمان وقوع التشريع. ويحتمل أن يكونوا أبهتهم صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم مع ظهور قوتهم واقتدارهم - في اعتقادهم - على بلوغ غرضهم وقضاء نسكهم بالقهر والغلبة، وأخروا الامتثال لاعتقادهم أن الامر المطلق لا يقضي الفور، ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم كما سبق في القصة من كلام أم سلمة - رضي الله عنها - في قولها " لا تلمهم " إلخ.
السادس والثلاثون: في كلامه - صلى الله عليه وسلم - لام سلمة في توقف الناس عن امتثال أمره، جواز مشاورة الامر المرأة الفاضلة، وفضل أم سلمة ووفور عقلها، حتى قال إمام الحرمين: لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت الا أم سلمة، كذا قال وقد استدرك بعضهم عليه بنت شعيب في أمر موسى.
السابع والثلاثون: لا يعد ما وقع من أبي بصير من قتله الرجل الذي جاء في طلبه غدرا لأنه لم يكن في جملة من دخل في المعاقدة التي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش، إلا أنه إذ ذاك كان محبوسا بمكة، لكنه لما خشى أن المشرك يعيده إلى المشركين درأ عن نفسه بقتله، ودافع عن دينه بذلك، ولم ينكر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك.
الثامن والثلاثون: في حديث المسور، ومروان بعد ذكر قصة أبي بصير، فأنزل الله - تعالى: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم) [الفتح 24] ظاهره أنها نزلت في