والعين مثل الشراك تبض بشئ من مائها، فسألهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " هل مسستما من مائها شيئا " قالا: نعم. فسبهما وقال لهما " ما شاء الله أن يقول، ثم غرفوا من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شن، ثم غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه وجهه ويديه ومضمض ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء كثير. ولفظ ابن إسحاق فانخرق الماء حتى كان يقول من سمعه: إن له حسا كحس الصواعق وذلك الماء فوارة تبوك. انتهى، فاستسقى الناس، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" يا معاذ يوشك أن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا ملي جنانا ".
وروى البيهقي وأبو نعيم عن عروة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين نزل تبوك - وكان في زمان قل ماؤها فيه فاغترف غرفة بيده من ماء فمضمض بها فاه ثم بصقه فيها ففارت عينها حتى امتلأت. فهي كذلك حتى الساعة (1).
وروى الخطيب في كتاب الرواة عن الامام مالك عن جابر - رضي الله عنه - قال: انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك وعينها تبض بماء يسير مثل الشراك فشكونا العطش، فأمرهم فجعلوا فيها ما دفعها إليهم فجاشت بالماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: " يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا " (2).
ذكر نومه - صلى الله عليه وسلم - حتى طلعت الشمس قبل وصوله إلى تبوك روى البيهقي عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فلما كان منها على ليلة استرقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال " ألم أقل لك يا بلال اكلا لنا الفجر " فقال يا رسول الله ذهب بي النوم، وذهب بي مثل الذي ذهب بك، قال: فانتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منزله غير بعيد، ثم صلى، وسار مسرعا بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك.
ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - تبوك واتخاذه مسجدا قال شيوخ محمد بن عمر: لما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك وضع حجرا قبلة مسجد تبوك وأومأ بيده إلى الحجر وما يليه ثم صلى بالناس الظهر، ثم أقبل عليهم فقال: " ما ها هنا شام، وما ها هنا يمن ".