محمد ما عرفت صغيرا ولا كبيرا - بالغدر، تدخل بالسلاح في الحرم على قومك، وقد شرطت لهم ألا تدخل إلا بسلاح المسافر، السيوف في القرب!! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إني لا أدخل عليهم بسلاح. " فقال مكرز: هو الذي تعرف به، البر والوفاء، ثم رجع مكرز سريعا إلى مكة بأصحابه، فقال: إن محمدا لا يدخل بسلاح، وهو على الشرط الذي شرط لكم (1).
روى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر الظهران في عمرته، بلغ أصحابه أن قريشا تقول ما يتباعثون من العجف، فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه وحسونا من مرقه، أصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تفعلوا، ولكن اجمعوا إلي من أزوادكم "، فجمعوا له، وبسطوا الأنطاع فأكلوا حتى تركوا، وحشا كل واحد في جرابه (2).
ذكر دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قال ابن عباس - رضي الله عنهما - قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة، ولما جاء مكرز قريشا بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استنكف رجال من أشراف المشركين أن ينظروا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيظا وحنقا، ونفاسة، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهدي أمامه حتى حبس بذي طوى، ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته القصواء وأصحابه محدقون به، قد توشحوا السيوف يلبون، فلما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذي طوى على راحلته والمسلمون حوله، ثم دخل من الثنية التي تطلعه على الحجون.
وروى البخاري تعليقا، وعبد الرزاق، والترمذي، والنسائي، وابن حبان عن أنس - رضي الله عنه - وابن عقبة عن الزهري، وابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام القضية على ناقته وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها، وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله * نحن ضربناكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله قد أنزل الرحمن في تنزيله * في صحف تتلى على رسوله يا رب إني مؤمن بقيله * إني رأيت الحق في قبوله فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يا ابن رواحة؟؟ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -