قال محمد بن عمر وابن سعد: ليلة الأربعاء، قال سلمة: فقلت: يا رباح اقعد على هذا الفرس، فالحق بطلحة، وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قد أغير على سرحه، وقمت على تل بناحية سلع، فجعلت وجهي من قبل المدينة، ثم ناديت ثلاث مرات يا صباحاه أسمع ما بين لابتيها ثم انبعث القوم ومعي سيفي ونبلي، فجعلت أردهم، وفي لفظ: أرميهم، وأعقر بهم، وذلك حين يكثر الشجر، فإذا رجع إلي فارس جلست له في أصل شجرة، ثم رميت، فلا يقبل علي فارس إلا عقرت به، فجعلت أرميهم وأنا أقول:
أنا ابن الأكوع * واليوم يوم الرضع فالحق رجلا فارميه وهو على رحله فيقع سهمي في الرحل حتى انتظمت كتفه فقلت:
خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع فإذا كنت بالشجر أحرقتهم بالنبل، وإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل فرميتهم بالحجارة، فما زال ذلك شاني وشأنهم أتبعهم وأرتجز حتى ى ما خلق الله - تعالى - شيئا من ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الا خلفته وراء ظهري واستنقذته من أيديهم.
قال ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا، وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها، ولا يلقون من ذلك شيئا الا جعلت عليه الحجارة، وجمعته على طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا اشتد الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزاري ممدا لهم. وهم في ثنية ضيقه، ثم علوت الجبل، فانا فوقهم. فقال عيينة: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح (1) ما فارقنا بسحر حتى الان، وأخذ كل شئ في أيدينا وجعله وراء ظهره، فقال عيينة: لولا أن هذا يرى أن وراءه طلبا لقد ترككم، وقال: ليقم إليه نفر منكم، فقام إلي أربعة منهم فصعدوا في الجبل، فلما أسمعتهم الصوت قلت لهم: أتعرفونني؟ فقالوا: ومن أنت، قلت: أنا ابن الأكوع، والذي أكرم وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يطلبني رجل منكم فيدركني، ولا أطلبه فيفوتني. فقال رجل منهم:
إني أظن فرجعوا.
ذكر حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلب العدو وتقديمه جماعة أمامه قال ابن إسحاق: وبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صياح ابن الأكوع يصرخ بالمدينة " الفزع الفزع ". فترامت الخيول إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان أول من انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفرسان المقداد بن عمرو، وهو الذي يقال له ابن الأسود حليف بني زهرة، زاد محمد بن عمر - نقلا عن عمارة بن غزية، وابن سعد - فنودي " يا خيل الله اركبي "، وكان أول ما نودي