ذكر قدوم بديل بن ورقاء الخزاعي ورسل قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية: جاءه بديل بن ورقاء - واسلم بعد ذلك - في رجال من خزاعة، منهم: عمرو بن سالم، وخراش بن أمية وخارجة بن كرز، ويزيد بن أمية وكانوا عيبة نصح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتهامة، منهم المسلم ومنهم الموادع. لا يخفون عنه بتهامة شيئا. فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلموا، فقال بديل بن ورقاء: جئناك من عند قومك، كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، قد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم، قد نزلوا اعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل والنساء والصبيان، يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تبيد خضراؤهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " انا لم نأت لقتال أحد، انما جئنا لنطوف بهذا البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه، ان قريشا قد أضرت بهم الحرب ونهكتهم فان شاءوا ماددتهم مدة يأمنون فيها، ويخلون فيما بيننا وبين الناس، - والناس أكثر منهم - فان أصابوني فذلك الذي أرادوا وان ظهر أمري على الناس كانوا بين ان يدخلوا فيما دخل فيه الناس أو يقاتلوا وقد جمو، وان هم أبو فوالله لأجهدن على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ولينفذن الله تعالى امره ".
فوعى بديل مقالة رسول الله وقال: سأبلغهم ما تقول، وعاد وركبه إلى قريش، فقال ناس منهم: هذا بديل وأصحابه، وانما يريدون ان يستخبروكم فلا تسألوهم عن حرف واحد، فلما رأى بديل انهم لا يستخبرونه قال: انا جئنا من عند محمد، أتحبون ان نخبركم عنه؟ فقال عكرمة بن أبي جهل، والحكم بن العاص - وأسلما بعد ذلك - ما لنا حاجة بان تخبرونا عنه، ولكن أخبروه عنا انه لا يدخلها علينا عامه هذا ابدا حتى لا يبقى منا رجل، فأشار عليهم عروة بن مسعود الثقفي - واسلم بعد ذلك - بان يسمعوا كلام بديل فان أعجبهم قبلوه والا تركوه، فقال صفوان ابن أمية والحارث بن هشام - وأسلما بعد ذلك - أخبرونا بالذي رأيتم وسمعتم، فقال بديل لهم: انكم تعجلون على محمد - صلى الله عليه وسلم - انه لم يأت لقتال انما جاء معتمرا وأخبرهم بمقالة النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال عروة: يا معشر قريش أتتهمونني؟ قالوا: لا.
قال: ألستم بالوالد! قالوا: بلى. قال: الست بالولد؟ قالوا: بلى وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس القرشية. قال: " ألستم تعلمون اني استنفرت أهل عكاظ لنصركم فلما تبلحوا على نفرت إليكم بنفسي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: قد فعلت، ما أنت عندنا بمتهم. قال: اني لكم ناصح، وعليكم شفيق، لا ادخر عنكم نصحا، فان بديلا قد جاءكم خطة رشد لا يردها أحد ابدا الا أحد شر منها. فاقبلوا منه، وابعثوني حتى أتاكم بمصداقها من عنده، وانظر إلى من