المكان المعروف بالحديبية سمي ببئر كانت هنالك، هذا اسمها، ثم عرف المكان كله بذلك، وبينها وبين مكة نحو مرحلة واحدة، وبين المدينة تسع مراحل الثاني: قالوا: كانت سنة ست، قاله الجمهور، في ذي القعدة، وقال هشام ابن عروة عن أبيه - رحمهما الله - في شوال، وشذ بذلك هشام عن الجمهور. وقد وافق أبو الأسود عن عروة الجمهور. وفي البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة، وفيه عن أنس - رضي الله عنه - اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر كلهن في ذي القعدة، فذكر منها عمرة الحديبية (1).
الثالث: اختلفت الروايات في عدة من كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها، ففي رواية عبد العزيز الافاقي عن الزهري في حديث المسور، ومروان: ألف وثمانمائة.
وفي رواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء: كنا أربع عشرة مائة.
وفي رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق كانوا ألفا وأربعمائة أو أكثر.
وفي رواية لسالم بن أبي الجعد عن جابر: أنهم كانوا خمس عشرة مائة، وكذلك رواية سعيد بن المسيب عنه، وكذلك رواية ابن أبي شيبة عن مجمع بن جارية.
قال الحافظ - رحمه الله - والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فمن قال ألف وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألف وأربعمائة ألغاه. ويؤيده قول البراء في رواية عنه: كنا ألفا وأربعمائة أو أكثر، واعتمد على هذا الجمع النووي - رحمه الله.
وأما البيهقي - رحمه الله - فمال إلى الترجيع، وقال: إن رواية من قال ألفا وأربعمائة أرجح، ثم روى من طريق أبي الزبير ومن طريق سفيان بن عمر بن دينار، كلاهما عن جابر كذلك.
ومن رواية معقل بن يسار عن سلمة بن الأكوع، والبراء بن عازب ومن طريق قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه، ومعظم هذه الطرق عن مسلم.
ووقع عند ابن سعد - رحمه الله - في حديث معقل بن يسار: زهاء ألف وأربعمائة، وهو أيضا في عدم التحديد.
واما قول عبد الله بن أبي أوفى - رحمه الله -: كنا ألفا وثلثمائة كما رواه البخاري، فيمكن حمله على ما اطلع عليه، واطلع غيره على زيادة أناس لم يطلع هو عليهم، والزيادة من الثقة مقبولة. أو العدد الذي ذكره عدد المقاتلة. والزيادة عليها من الاتباع ومن الخدم والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم.