فقال لعبد الله أخي: إن فتح الله عليكم الطائف غدا فاني أدلك على ابنه غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان. فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله. فقال: " لا أرى هذا يعلم ما ها هنا لا تدخلن هؤلاء عليكن " وكانوا يرونه من غير أولى الإربة من الرجال، قال ابن جريج: اسمه هيت. قال ابن إسحاق: كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولى لخالته فاختة بنت عمرو بن عايد مخنث يقال له ماتع يدخل على نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويكون في بيته ولا يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يفطن لشئ من أمور النساء مما يفطن الرجال إليه، ولا يرى أن له في ذلك إربا، فسمعه وهو يقول لخالد بن الوليد: يا خالد إن فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطائف فلا تفلتن منك بادية بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سمع هذا منه " لا أرى الخبيث يفطن لما أسمع " ثم قال لنسائه " لا تدخلنه عليكن " فحجب عن بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1).
ذكر منام رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على عدم فتح الطائف حينئذ واذنه بالرجوع واشتداد الرجوع على الناس قبل الفتح قال ابن إسحاق: وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: " إني رأيت أنى أهديت لي قعبة مملوءة زبدا فنقرها ديك، فهراق ما فيها " فقال أبو بكر: ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا لا أرى ذلك ".
وروى محمد بن عمر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما مضت خمس عشرة من حصار الطائف، استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نوفل بن معاوية الديلي - رضي الله عنه - فقال: " يا نوفل ما ترى في المقام عليهم " قال: يا رسول الله ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك.
قال ابن إسحاق: ثم إن خولة بنت حكيم السلمية، وهي امرأة عثمان بن مظعون، قالت:
يا رسول الله، اعطني، إن فتح الله عليك الطائف - حلي بادية بنت غيلان، أو حلي الفارعة بنت عقيل - وكانتا من أحلى نساء ثقيف - فروى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: " وإن كان لم يؤذن لنا في ثقيف يا خولة؟ " فخرجت خولة، فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما حديث حدثتنيه خولة؟ " زعمت أنك قلته؟ قال " قد قلته " قال " أو ما أذن فيهم " قال: " لا " قال: أفلا أوذن الناس بالرحيل؟ قال:
" بلى " فاذن عمر بالرحيل.