- رحمهم الله تعالى - أن المسلمين لما قدموا خيبر أكلوا الثمرة الخضراء وهي وبيئة وخيمة، فأكلوا من تلك الثمرة. فأهمدتهم الحمى، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " قرسوا الماء في الشنان، فإذا كان بين الأذانين فاحدروا الماء عليكم حدرا، واذكروا اسم الله - تعالى " ففعلوا فكانما نشطوا من العقل (1).
ذكر فتحه - صلى الله عليه وسلم - حصن الصعب بن معاذ بن النطاة وما وقع في ذلك من الآيات لم يكن بخيبر حصن أكثر طعاما وودكا وماشية ومتاعا منه، وكان فيه خمسمائة مقاتل، وكان الناس قد أقاموا أياما يقاتلون ليس عندهم طعام إلا العلق.
وروى محمد بن عمر عن أبي اليسر كعب بن عمر - رضي الله عنه -: أنهم حاصروا حصن الصعب بن معاذ ثلاثة أيام، وكان حصنا منيعا، وأقبلت غنم لرجل من يهود ترتع وراء حصنهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من رجل يطعمنا من هذه الغنم "؟ فقلت: أنا يا رسول الله فخرجت أسعى مثل الظبي، وفي لفظ: مثل الظليم، فلما نظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليا قال: " اللهم متعنا به " فأدركت الغنم - وقد دخل أولها الحصن - فأخذت شاتين من آخرها فاحتضنتهما تحت يدي، ثم أقبلت أعدو كان ليس معي شئ، حتى انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فامر بهما فذبحتا، ثم قسمهما، فما بقي أحد من العسكر الذين معه محاصرين الحصن إلا أكل منهما، فقيل لأبي اليسر: كم كانوا؟ قال: كانوا عددا كثيرا.
وروى ابن إسحاق عن بعض من أسلم، ومحمد بن عمر - رحمه الله - عن معتب - بكسر الفوقية المشددة - الأسلمي - رضي الله عنه - واللفظ له، قال: أصابتنا معشر أسلم مجاعة حين قدمنا خيبر، وأقمنا عشرة أيام على حصن النطاة لا نفتح شيئا فيه طعام، فأجمعت أسلم أن أرسلوا أسماء بن حارثة - بالحاء المهملة والثاء المثلثة، فقالوا ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقل له: إن أسلم يقرؤنك السلام، ويقولون: إنا قد جهدنا من الجوع والضعف، فقال بريدة بن الحصيب - بضم الحاء، وفتح الصاد المهملتين: والله إن رأيت كاليوم قط من بين العرب يصنعون هذا، فقال زيد بن حارثة أخو أسماء: والله إني لأرجو أن يكون هذا البعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الخير فجاءه أسماء فقال: يا رسول الله إن أسلم تقرأ عليك السلام، وتقول إنا قد جهدنا من الجوع والضعف، فادع الله لنا فدعا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: