الباب السادس والعشرون في عمرة القضاء لما دخل هلال ذي القعدة سنة سبع، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن البيت، وأنزل الله تبارك وتعالى: (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص) [البقرة 194] الآية. أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يتجهزوا للعمرة، ولا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف أحد شهدها، إلا رجال استشهدوا بخيبر، ورجال ماتوا، فقال رجال من حاضري المدينة من العرب: يا رسول الله، والله مالنا زاد، وما لنا أحد يطعمنا، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم المسلمين أن ينفقوا في سبيل الله - تعالى، وأن يتصدقوا، وألا يكفوا أيديهم فيهلكوا، فقالوا: يا رسول الله، بم نتصدق وأحدنا لا يجد شيئا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " بما كان ولو بشق تمرة " (1).
وروى وكيع وابن عيينة وابن سعيد، ومنصور، وعبد بن حميد، والبخاري، والبيهقي في سننه عن حذيفة، ووكيع، وعبد بن حميد، والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله - تعالى عنهم - وابن جرير عن عكرمة، ووكيع عن مجاهد - رحمهما الله - تعالى - قالوا في قوله تعالى:
(وأنفقوا في سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [البقرة 195] إن التهلكة ترك النفقة في سبيل الله، ليس التهلكة أن يقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الامساك في سبيل الله، أنفق ولو مشقصا (2).
قال محمد بن عمر، وابن سعد (3): واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة أبا رهم - بضم الراء، وسكون الهاء - الغفاري - رضي الله عنه - وقال ابن هشام: واستعمل عويف - بالواو والفاء، تصغير عوف، ويقال فيه عويث - بتحتية فمثلثة ابن الأضبط - بضاد معجمة، فموحدة، فطاء مهملة - رضي الله تعالى عنه - وقال البلاذري: استعمل أبا ذر. ويقال: عويف بن الأضبط والله أعلم.
ذكر ما ساقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهدي وتقديمه السلاح والخيل أمامه روى محمد بن عمر عن عبد الله بن دينار - رحمه الله تعالى - قال: جعل رسول