الباب الخامس والعشرون في غزوة ذات الرقاع وهي غزوة محارب، وبني ثعلبة، وسببها أن قادما قدم بجلب إلى المدينة، فاشتراه منه أهلها، فقال للمسلمين: إن بني أنمار بن بغيض، وبني سعد بن ثعلبة قد جمعوا لكم جموعا، وأراكم هادئين عنهم، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستخلف على المدينة - قال ابن إسحاق:
أبا ذر الغفاري، وقال محمد بن عمر وابن سعد وابن هشام: عثمان بن عفان، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة ليلة السبت لعشر خلون من المحرم. في أربعمائة أو سبعمائة، أو ثمانمائة، وسلك على المضيق، ثم أفضى إلى وادي الشقرة، فأقام فيها يوما، وبث السرايا، فرجعوا منها مع الليل وخبروه أنهم لم يروا أحدا، ووطئوا آثارا حديثة، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه حتى أتى نخلا، وأتى مجالسهم، فلم يجد فيها أحدا الا نسوة، فأخذهن وفيهن جارية وضيئة، وقد هربت الاعراب في رؤوس الجبال، وهم مطلون على المسلمين.
قال ابن إسحاق: فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعا من غطفان، فتقارب الناس، ولم يكن بينهم قتال، فخاف الفريقان بعضهم من بعض، خاف المسلمون أن يغير المشركون عليهم، وهم غارون، وخاف المشركون أن لا يبرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يستأصلهم.
ولما حانت الصلاة - صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الخوف.
وروى البيهقي عن جابر - رضي الله عنه - قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، فهم به المشركون، فقالوا: دعوهم فان لهم صلاة بعد هذه أحب إليهم من أبنائهم، فنزل جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فصلى العصر صلاة الخوف.
قال ابن سعد: وكان ذلك أول ما صلاها، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعا إلى المدينة.
وبعث بجعال - بضم الجيم، وبالعين المهملة، واللام، ابن سراقة - رضي الله عنه - بشيرا إلى أهل المدينة بسلامة المسلمين.
وغاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة ليلة.
وقد وقع في هذه الغزوة آيات كثيرة: روى أكثرها جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه..
روى البزار والطبراني في الأوسط عنه، قال: كانت غزوة ذات الرقاع تسمى غزوة الأعاجيب - انتهى - منها ما وقع عند إرادة غوث بن الحرث الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.