منهم، وعرف رأيهم فيها (1). قال يا غلام: قل للقاضي يمضيها على ما قال أمير المؤمنين عثمان (2).
قال الشعبي: ودخلت عليه الترك، قد شدوا أوساطهم بعمائمهم، وانتزعت السيوف من أعناقهم وأخذوا الطوامير (3) بأيمانهم، فدخل عليه رجل (4) من قبل أمير المؤمنين عبد الملك. فقال له الحجاج: كيف تركت أمير المؤمنين وأهله وولده وحشمه؟ فأنباه عنه وعنهم بصلاح. فقال: ما كان وراءك من غيث؟ قال:
نعم، أصلح الله الأمير، أصابتني سحابة في موضع كذا، فواد سائل، وواد تارع (5)، فأرض مدبرة، وأرض مقبلة، حتى صدعت عن الكمأه أماكنها، فما أتيتك إلا في مثل مجرى الضب (6). فقال للحاجب: ائذن للناس فدخل عليه رجلا أتاه من قبل نجد (7). فقال له: ما كان وراءك من غيث؟ فقال: كثير الإعصار، واغبر البلاد، وأكل ما أشرف من الحشيشة، فاستيقنا أنه عام سنة.
فقال: بئس المخبر أنت. قال: أخبرتك بالذي كان. فقال للحاجب: ائذن للناس، فدخل عليه رجل أتاه من قبل اليمامة. فقال: هل كان وراءك من غيث؟
قال: نعم. وسمعت الرواد يدعون إلى ريادها، وسمعت رائدا يقول: هلموا (8) أطعمكم محلة تطفوا فيها النيران، وتشتكي فيها النساء، وتنافس فيها المعز. فقال له: ويحك، إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم. فقال: أصلح الله الأمير، أما تطفوا النيران، فيستكثر فيها الزبد واللبن والتمر، فلا توقد نار [يختبز بها]، وأما أن يشتكي النساء: فإنه من جذبها على إبريق لبنها فتظل تمخض لبنها فتبيت ولها أنين من عضديها، وأما تنافس المعز: فإنها ترأم من نوار النبات وألوان الثمر ما يشبع بطونها، ولا يشبع عيونها، فتبينت، وقد امتلأت أكراشها، لها من الكظة