ولا الحديث كما حدثتم، فافطنوا لعيوبكم وإياكم أن أكون أنا وأنتم كما قال القائل (1):
إنك إن كلفتني ما لم أطق * ساءك ما سرك مني من خلق والمخبر بالعمل ليس كالراجم بالظنون، فالتقدم قبل التندم، وأخو المرء نصيحته ثم قال:
لذي الحلم قبل اليوم ما تفرع العصا * وما علم الإنسان إلا ليعلما (2) ثم قال: احمدوا ربكم، وصلوا على نبيكم صلى الله عليه وسلم، ثم نزل وقال:
اكتب يا نافع، وكان نافع مولاه وكاتبا يكتب بين يديه: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحجاج بن يوسف إلى عبد الرحمن بن الأشعث، سلام على أهل النزوع (3) من التزييغ وأسباب الرداء، لا إلى معادن السي، والتقحم في الغي، فإني أحمد الله الذي خلاك في حيرتك، إذ بهتك في السيرة، ووهلك للضرورة حق أقحمك أمورا أخرجت بها عن طاعته، وجانبت ولايته، وعسكرت بها في الكفر، وذهلت بها عن الشكر، فلا تشكر في السراء، ولا تصبر في الضراء أقبلت مستنا بحريم الحرة، وتستوقد الفتنة لتصلى بحرها، وجلبت لغيرك ضرها، وقلت وثاق الاحتجاج، ومبارزة الحجاج، ألا بل لأمك الهبل، وعزة ربك لتكبن لنحرك.
ولتقلبن لظهرك، ولتتخبطن فريصتك (4)، ولتدحضن حجتك ولتذمن مقامك، ولتشتغلن سهامك، كأني بك تصير إلى غير مقبول منك. إلا السيف هوجا هوجا، عند كشوف الحرب عن ساقها، ومبارزة أبطالها، والسلام على من أناب إلى الله وسمع وأجاب (5).
ثم قال: من هاهنا من فتية بني الأشعث بن قيس؟ قيل: سعيد بن جبير.