منزله، ثم أتوا به القصر، وعلى دمشق يومئذ رجل من بنى الحجاج، وكان قد خرج من الطاعون، واستخلف رجلا من قيس، فدخلوا عليه، فأوثقوه كتافا، وأوثقوا كل من خافوا خلافه، فتسلل رجل حتى أتى الوليد بن يزيد، فأخبره الخبر، فلما أصبحوا غدوا إلى الوليد، فبعث الوليد في طلب يزيد بن خالد، وهو عنده في الحديد. فقال له: إن قومك قد خرجوا بين يدي الوليد، فارددهم عن أمير المؤمنين، ولك الله أن أوليك العراق، وأدفع إليك يوسف تقتله بأبيك، فقال له يزيد بن خالد: وتوثقني يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، فتوثق له وحلف، قال: فأرسلني إليهم حتى أدرهم عنك. فقال له الوليد: بل اكتب إليهم. قال:
إن كتابي لا يغني شيئا، وقد علموا أني في يديك، وأني سأكتب بما تريد، فأمر بإطلاقه من الحديد، ورده إلى حبسه، وأمر الحرس يتحفظون به، ثم ارتحل الوليد بيزيد بن خالد معه، فلما كان الفجر، صبحته أوائل الخيل، خيل أهل اليمن، فأرسل الوليد إلى يزيد بن خالد، فقال له يزيد: خل عني حتى أردهم عنك، فبينما هم على ذلك، إذ التقى القوم، فشدت الميمنة، وقد طلعت الشمس، واختلط الناس وكثر القتل، وتخلص يزيد بن خالد من الحرس، فأتوه ببرذون من براذين الوليد، وأتى بسيف فتقلده، ثم نادى مناديه: من جاء برأس الوليد، فله مئة ألف دينار، ونودي في العسكر: من دخل رحله فهو آمن. فنادى الوليد: يا أهل الشام، ألم أحسن إليكم، ألم أفعل كذا، فعدد إحسانه، فقال عبد السلام (1): بلى قد فعلت، ولكنك عمدت إلى شيخنا وسيدنا خالد بن عبد الله قد عزله الخليفة قبلك، وأخذ أمواله، ثم خلى عنه، فدفعه إلى يوسف بن عمر بالبيع فأدرعه (2)، ثم حمله على محمل بلا وطاء، ثم انطلق به فعذبه، حتى قتل شر قتل يكون.
فقال لهم الوليد: فاخلعوني في قميصي هذا، وولوا من شئتم، فانصرفوا إلى قومهم، فأعلموهم بما رضي من الخلع. فقالوا: لا إلا رأسه، فتدلى القوم إلى القصر (3)، وانتهى يزيد بن خالد إلى الباب، وعليه سلسلة، فأمر بها فكسرت، وكسر الباب، وخرج الوليد يسعى، حتى دخل بيتا من بيوت القصر، ودخل عليه