بلغ خمسة أشبار، فاتهمته فاقتله، ولا تخالف هذا الشيخ، يعني سليمان بن كثير، ولا تعصه، فشخصوا إلى خراسان.
ووقعت العصبية بخراسان، بين نصر بن سيار، وكان عامل مروان عليها، وبين الكرماني (1). فدخل على نصر بن سيار رجل فقال له: إن مروان بن محمد قد خالف ما ظن به الناس، وقد كان رجي وأمل، وما أرى أمره إلا وقد انتقض، واجترأت عليه الخوارج، وانتقضت عليه البلاد، وخرج عليه ثابت بن نعيم، ورأى الاشتغال بلذاته أهم عليه، فلو اجتمعت كلمتك مع الكرماني فإني خائف أن يوقعك هذا الخلاف فيما نكره وأنت شيخ العرب وسيدها، وأرى والله في هذه الكور شيئا، وأسمع أمورا أخاف أن تذهب، أو تذهل منها العقول. فقال نصر بن سيار: والله ما أتهم عقلك ولا نصيحتك، ولكن اكفف عن هذا القول، فلا يسمعن منك، فالتحم ما بين الرجلين (2)، وهاجت الحرب وتقاتلوا، وجعلت رجال الشيعة تجتمع في الكور الألف والألفان، فيجتمعون في المساجد، ويتعلمون: أي يتعارفون بينهم، فبلغ ذلك نصرا، واغتم لذلك، وخاف إن وجه إليهم من يقاتلهم أن يتجاوزوا إلى الكرماني، فلما استفحل أمر القوم، وقام بأمرهم أبو مسلم الخراساني، ثم اجتمعوا وأظهروا أمرهم. كتب نصر بن سيار إلى مروان بن محمد:
أرى خلل (3) الرماد وميض نار (4) * ويوشك (5) أن تكون له ضرام فإن النار بالعودين تذكى * وإن الحرب أولها الكلام (6) أقول من التعجب: ليت شعري * أأيقاظ أمية أم نيام فإن كانوا لحينهم نياما (7) * فقل قوموا فقد حان القيام