ففري عن رحالك ثم قولي * على الإسلام والعرب السلام فكتب إليه مروان (1): إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فقال نصر لما قرأ الكتاب: أما صاحبكم فقد أعملكم أن لا نصر عنده، وجعل أبو مسلم يكتب الكتب، ثم يقول للرسل: مروا بها على اليمانية، فإنهم يتعرضون لكم، ويأخذون كتبكم، فإذا رأوا فيها أني رأيت المضرية لا وفاء لهم، ولا خير فيهم، فلا تثق بهم، ولا تطمئن إليهم، فإني أرجو أن يريك الله في اليمانية ما تحب، ويرسل رسولا آخر بمثل ذلك على اليمانية. فيقول: مر على المضرية، فكان الفريقان جميعا معه، وجعل يكتب إلى نصر بن سيار، وإلى الكرماني: أن الإمام قد أوصاني بكم، ولست أعدو رأيه فيكم، فجعل نصر يقول: يا عباد الله، هذه والله الذلة، رجل بين أظهرنا يكتب إلينا بمثل هذا، لا نقدر له على ضر ولا نفع، فلما تبين القوم أن لا نصير لهم كتب أبو مسلم إلى أصحابه في الكور، أن أظهروا أمركم، فكان أول الناس من سود (2) أسيد (3) بن عبد الله، فنادى: يا محمد، يا منصور، فسود معه العكي، ومقاتل بن حكم (4)، وعمر بن غزوان، وأقبل أبو مسلم حتى نزل الخندقين فهابه الفريقان جميعا. فقال: لست أعرض لواحد منكم، إنما ندعو إلى آل محمد، فمن تبعنا فهو منا، ومن عصانا فالله حسيبه. فلما جعل أصحابه يكثرون عنده. وهو يطمع الفريقين جميعا في نفسه.
كتب نصر بن سيار: إلى مروان بن محمد، يذكر استعلاء أمر أبي مسلم، ويعلمه بحاله وخروجه، وكثرة شيعته، وأنه قد خاف أن يستولي على خراسان، وأنه يدعو إلى إبراهيم بن محمد، فأتى مروان الكتاب، وقد أتاه رسول أبي مسلم بجواب إبراهيم (5)، فأخذ جواب إبراهيم، وفيه لعن إبراهيم لأبي مسلم، حين