الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٢
وعلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! فقال المهدي: بلى والله يا أبا عبد الله، حتى لا أجد إلا مثل هذا، ومد يده ليأخذ من الأرض شيئا فلم يجده. ثم قال صدقت فيهم وبررت، وحضضت على الرشد، فأنت أهل أن يطاع أمرك، ويسمع قولك، فأمر له بخمسة أبيات مال، والبيت عندهم خمسمائة ألف، وأمر مالكا أن يختار من تلامذته رجالا يثق بهم، ويعتمد عليهم، يقسمونها على أهل المدينة، ويؤثرون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، وأهل بيت أبي بكر وعمر وعثمان، ثم أهل بيوت المهاجرين والأنصار، ثم الذين اتبعوهم بإحسان، ففعل فأغنى أهل المدينة عامهم ذلك.
ذكر استخلاف هارون الرشيد قال: وذكروا أنه لما كانت سنة ثلاث وسبعين ومائة توفي المهدي، وذلك أنه خرج يوما إلى بعض المنازل، ومعه أهله وبعض بنيه، وكان قد ذكر أن يستخلف ابنه عبد الله بعده، ثم غفل عن ذلك وتركه، فحمل عبد الله الحرص والطيش إلى أن دس على أبيه بعض الجواري المتمكنات منه بسمه، وبذل لها على ذلك الأموال، ومناها أماني الغرور. فلما سمته، ووصل إليه السم، عرف المهدي أنه قد قتل، فدعا كاتبه فقال له: عجل واكتب عهد هارون الرشيد، وخذ بيعة الجند، وأمراء الأجناد، واكتب بذلك إلى ولاة الأمصار، وكان الرشيد أصغر بنيه، وكان ابن أمة، لا يطمع في خلافة، ولا يظن بها، فأدخله على نفسه وهو يجود بها، والرشيد لا يعلم أنه مستخلف. فقال له المهدي: أي بني، والله ما أردت استخلافك، ولا هممت به لحداثة سنك، وقد كان قال لي جدك أبو جعفر، وأنت يومئذ قد ترعرعت في أول رؤية رآك: إن ابني هذا الأعين (1) سيلي هذا الأمر، ويسير فيه سيرة صالحة، فقلت: يا أبت، أتظن ذلك؟ قال: ما هو بالظن، ولكن اليقين، ويكون ملكا بضعا وعشرين سنة، وتقتله الحمى الربع (2)، فاندفع الرشيد باكيا فقال له: ما يبكيك يا فتى؟
قال: يا أبت، إنك والله نعيت لي نفسي، وعرفتني متى أموت، ومم أموت؟ قال: هو ذاك، فشمر، واجتهد وجد، وخذ بالحزم والكرم، ودع الإحن، وانظر أخاك عبد الله فلا يناله منك مكروه، فقد عفوت عنه. فقال الرشيد: يا أبت، وتعفو عنه، وقد أتى ما ذكرت،

(1) الأعين: شديد سواد العين واسعها (2) الحمى الربع: بكسر الراء وسكون الباء هي التي تأتي المريض يوما وتسكت يومين ثم تأتي في اليوم الرابع.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175