الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٤
الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء أقوام وأموالهم، ولكن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ". قال الرشيد: ويحكم، إن في كتاب الله ما يصدق ذلك، ولا إخال أبا عبد الله أخذه إلا من كتاب الله فاستثبتوه. فأرسل إليه فأقبل. فقال هارون: يا أبا عبد الله، إن أصحابنا هؤلاء لم يختلف منهم اثنان في الإنكار عليك فيما وضعت في موطئك من التدمية (1). وتصديق قول من ادعى، وأنت وهم تزعمون بطل دعوى من ادعى على رجل دانقا إلا ببينة تقوم له، فأخبر القوم، وأوضح لهم حجتك في ذلك وأنا معك عليهم، فإني لا أعلم بعد أمير المؤمنين أحدا أعلم منك، فقال مالك: يا أمير المؤمنين، إن مما يصدق القسامة ما في كتاب الله من القتل، والأخذ بالدم الذي كان في بني إسرائيل. قال الله عز وجل: " اضربوه ببعضها " فذبحت البقرة، ثم ضربوه بعضو من أعضائها، فحي القتيل، ثم تكلم. فقال: فلان قتلني، فقتله موسى ابن عمران عليه السلام بقوله ذلك، وهو حكم التوراة، فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا، فالذين أسلموا: محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد حكم بالتوراة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المرجوم اليهودي الذي زنى، فرجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر أنس بن مالك رضي الله عنه. أن يهوديا لقى جارية من جواري الأنصار في بعض أنقاب (2) المدينة، وعليها أوضاع (3) من ذهب وورق، فأخذ الأوضاح منها، وشدخ رأسها بين حجرين، فأدركت الجارية وبها رمق، فاتهم بها اليهود، فأنى بهم، فعرضوا عليها رجلا رجلا وهي لا تتكلم، حتى أتى بصاحبها الذي قتلها فعرفته. فقيل لها: هذا الذي قتلك؟ فأومأت برأسها أن نعم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فشدخ رأسه بين حجرين، فهذا يا أمير المؤمنين حكم الدماء، والقسامة فيها سنة قائمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء، فقعوا منه بذلك، وصاروا إلى الرضا بقوله، والتصديق لروايته، والتسليم لتأويل ما تأول من القرآن الكريم. ثم قال له مالك: إن أباك يا أمير المؤمنين بعث إلي في هذا المجلس كما بعثت إلي، وحدثنه بما حدثتك به في شأن أهل المدينة، وما يصبرون عليه من البلاء، وشدة الزمان، وغلاء الأسعار، صبرا على ذلك، واختيارا لجوار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال هارون: ذلك هو أبي وأنا ابنه، وسوف أفعل ما فعل، وأمر لأهل المدينة بعشرة أبيات مال، ضعف ما أمر به المهدي، وكان أبو يوسف

(1) التدمية: التسهيل وقبول الحلف بدل البينة وإلحاق الدم بمن ذكره المقتول.
(2) الانقاب: جمع نقب وهو المكان المرتفع.
(3) الأوضاح: جمع وضح بفتح الواو والضاد نوع من حلى النساء، والورق بكسر الراء: الفضة.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175