الثوب إن أنهج فيه البلى * أعيا على ذي الحيلة الصانع كنا نرقعها إذا مزقت * فانسع الخرق على الراقع وكان من رأي ابن هبيرة أن لا يعطي طاعة لبني العباس، وكان رأيه أن يدعو إلى محمد ابن عبد الله بن الحسين، فاطلع على ذلك أبو العباس، وخاف أن يثور اليمانية مع ابن هبيرة في ذلك. فكاتبهم أبو جعفر، وقال في كتابه لهم: السلطان سلطانكم، والدولة دولتكم، وكتب إلى زياد بن صالح الحارثي بذلك وكان عامل ابن هبيرة في المدينة، مكان عامله قبل ذلك على الكوفة، فأجاب زياد بن صالح، وذلك لما خاف أن يدخل المدينة فيقتل بها. فلما كان مغيب الشمس قاموا إليه. فلما صلى المغرب، ركب فطاف في مسالحه (1) وأبوابه، فرجع عتمة، فتعشى، ثم صلى. فأقبل علي بن الهيثم فقال: والله ما أخلف غصة أعظم ولا أهم إلي منك، لأنك مع هؤلاء، ولست أدري ما يكون بعد اليوم، وأرى الأمر قد استتب لهؤلاء القوم في المشرق والمغرب، ولكن إن لقيت أبا العباس أعلمته من أمرك مثل الذي أعلمته من أمري. قال: ما أخاف تقصيرك، ثم قال: لست أثق بولد ولا بغيره، ثقتي بك فيما أريد أن أوطده، تأخذ مفاتيح هذه المدينة، حتى تصبح فتأتي بها ابن هبيرة. فقلت: أنظر ما تصنع في خروجك، أتثق بالقوم؟ قال: نعم، قد جرى بيني وبينهم ما أثق به، وأتاني كتاب أبي العباس بكل ما أحب، وكتاب أبي جعفر. فقلت: يا أبا الربيع، أخاف أن لا يوفي لك. فلما أدهم (2) الليل وانتصف قام فصلى ركعات، ثم أمر غلمانه فحملوا متاعه على أربعة بغال، ثم أخرج أربعة غلمان له، وابنه ثابت على برذون له، ثم خرج وأغلق الباب. فلما انتهى الخبر إلى ابن هبيرة بكى وقال: ما يوثق بأحد بعد زياد بن صالح، وبعد إيثاري إياه، وإكرامي وتفصيلي له، وما صنعت به. قلت: هو هنالك، والله خير لك منه ها هنا. قال:
وترى ذلك؟ قلت: نعم. قال: ثم مشت الكتب والرسل بينهم أي بين أبي جعفر وابن هبيرة حتى صار أمرهم إلى أن بلقاه، ونهض ابن هبيرة إليهم، وتخلى مما بيده لهم.
كتاب الأمان قال: وذكروا أن رجلا من قيس يقال له أبو بكر بن مصعب العقيلي، سعى في كتاب الصلح والأمان عند أبي جعفر، حتى تم له، فأتى ابن هبيرة، وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم،