الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٦
الثوب إن أنهج فيه البلى * أعيا على ذي الحيلة الصانع كنا نرقعها إذا مزقت * فانسع الخرق على الراقع وكان من رأي ابن هبيرة أن لا يعطي طاعة لبني العباس، وكان رأيه أن يدعو إلى محمد ابن عبد الله بن الحسين، فاطلع على ذلك أبو العباس، وخاف أن يثور اليمانية مع ابن هبيرة في ذلك. فكاتبهم أبو جعفر، وقال في كتابه لهم: السلطان سلطانكم، والدولة دولتكم، وكتب إلى زياد بن صالح الحارثي بذلك وكان عامل ابن هبيرة في المدينة، مكان عامله قبل ذلك على الكوفة، فأجاب زياد بن صالح، وذلك لما خاف أن يدخل المدينة فيقتل بها. فلما كان مغيب الشمس قاموا إليه. فلما صلى المغرب، ركب فطاف في مسالحه (1) وأبوابه، فرجع عتمة، فتعشى، ثم صلى. فأقبل علي بن الهيثم فقال: والله ما أخلف غصة أعظم ولا أهم إلي منك، لأنك مع هؤلاء، ولست أدري ما يكون بعد اليوم، وأرى الأمر قد استتب لهؤلاء القوم في المشرق والمغرب، ولكن إن لقيت أبا العباس أعلمته من أمرك مثل الذي أعلمته من أمري. قال: ما أخاف تقصيرك، ثم قال: لست أثق بولد ولا بغيره، ثقتي بك فيما أريد أن أوطده، تأخذ مفاتيح هذه المدينة، حتى تصبح فتأتي بها ابن هبيرة. فقلت: أنظر ما تصنع في خروجك، أتثق بالقوم؟ قال: نعم، قد جرى بيني وبينهم ما أثق به، وأتاني كتاب أبي العباس بكل ما أحب، وكتاب أبي جعفر. فقلت: يا أبا الربيع، أخاف أن لا يوفي لك. فلما أدهم (2) الليل وانتصف قام فصلى ركعات، ثم أمر غلمانه فحملوا متاعه على أربعة بغال، ثم أخرج أربعة غلمان له، وابنه ثابت على برذون له، ثم خرج وأغلق الباب. فلما انتهى الخبر إلى ابن هبيرة بكى وقال: ما يوثق بأحد بعد زياد بن صالح، وبعد إيثاري إياه، وإكرامي وتفصيلي له، وما صنعت به. قلت: هو هنالك، والله خير لك منه ها هنا. قال:
وترى ذلك؟ قلت: نعم. قال: ثم مشت الكتب والرسل بينهم أي بين أبي جعفر وابن هبيرة حتى صار أمرهم إلى أن بلقاه، ونهض ابن هبيرة إليهم، وتخلى مما بيده لهم.
كتاب الأمان قال: وذكروا أن رجلا من قيس يقال له أبو بكر بن مصعب العقيلي، سعى في كتاب الصلح والأمان عند أبي جعفر، حتى تم له، فأتى ابن هبيرة، وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم،

(1) المسالح: جمع مسلحة بفتح الميم واللام وسكون السين: الثغر وهو المكان الذي يكون عليه الحراس خوف دخول الأعداء.
(2) أدهم الليل: اشتد سواده وإظلامه
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175