الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
ذلك عليك. وكان ابن هبيرة إذا ركب إلى أبي جعفر، ركب في ثلاث مئة فارس، وخمس مئة راجل، فقدم يزيد بن حاتم على أبي جعفر، فقال: أصلح الله الأمير، ما ذهب من سلطان ابن هبيرة شئ، يأتينا فيتضعضع (1) به العسكر. فقال أبو جعفر، يا سلام قل لابن هبيرة لا يركب في مثل تلك الجماعة، وليأتينا في حاشيته. قال عدي: فأصبحنا، فخرج ابن هبيرة أيضا في مثل تلك الجماعة الذين كانوا يركبون معه، فخرج إليه سلام فقال: يقول لك الأمير ما هذه الجماعة؟ لا تسيرن إلا في حاشيتك، فتغير وجه ابن هبيرة. فلما أصبح أتى في نحو من ثلاثين رجلا قال له سلام: كأنك إنما تأتينا مباهيا. فقال ابن هبيرة: إن أحببتم أن نمشي إليكم فعلنا.
فقال سلام: ما نريد بذلك استخفافا بك، ولكن أهل العسكر إذا رأوا جماعة من معك غمهم ذلك، فكان هذا من الأمير نظرا لك، فمكث طويلا جالسا في الرواق. فقيل له: إن الأمير يحتجم، فانصرف راشدا، فلم يزل يركب يوما ويقيم آخر، لا يجئ إلا في رجلين أو غلامه، وقد ختموا على الخزائن وبيوت الأموال، وجعل القواد يدخلون على أبي جعفر فيقولون:
ما تنتظر به؟ فيقول: ما أريد إلا الوفاء له حتى إذا اجتمع أمرهم على قتلته، بعث إلى الحسين بن قحطبة فأتاه. فقال: لو سرت إلى هذا الرجل فأرحتنا منه. فقال: لا نريد ذلك، ولكن ابعث إليه رجلا من قومه من مضر حتى يقتله، فتتفرق كلمتهم عند ذلك، فدعا حازم بن خزيمة، والهيثم بن شعبة. قال لهم أبو جعفر: ائتوا إلى ابن هبيرة فجددوا على بيوت المال الختم، وعلى الخزائن، وبعث معهما من المضرية والقيسية أن يحضروا الإذن، وأريحونا من الرجل، ففعلوا، ثم دخلوا رحبة القصر في مئة رجل، فأرسلوا إلى ابن هبيرة: إنا نريد حمل ما بقي في الخزائن. فقال: ادخلوا، فدخلوا الخزائن فطافوا بها ساعة، وجعلوا يخلفون عند كل باب عدة حتى دخلوا عليه. فقالوا: أرسل معنا من يدلنا على المواضع وبيوت الأموال. فقال: يا عثمان أرسل معهم من يريدون، فطاف حازم وأصحابه في القصر ساعة، وابن هبيرة عليه قميص له مصرى، وملاءة موردة، وهو مسند ظهره إلى حائط المسجد في رحبة القصر، ومعه ابن داود، وحاجبه، وكاتبه عمر بن أيوب، وعدة من مواليه وبنيه، وفي حجر ابن هبيرة ولد صغير. فلما توثقوا من كل شئ أقبلوا نحوه، فلما رآهم قد أقبلوا إليه قال: والله إن في وجوه القوم لشرا. فلما دنوا منه قام أبو عثمان فقال: ما وراءكم؟ فنضحه الهيثم بالسيف، فأصاب حبل عاتقه، فصرعه، وقام ابنه داود فقاتل، فتفرقوا عليه فقتلوه ومواليه، ثم مضوا نحو ابن هبيرة فخر ساجدا، وقال:

(1) يتضعضع به العسكر: يضعف وينكسر قلبه.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175