الحرام الذي بمكة حافيا راجلا وكل مملوك يملكه من اليوم إلى ثلاثين حجة بشراء أو هبة أحرار لوجه الله، وكل امرأة له طالق ثلاثا، وكل ما يملكه من ذهب أو فضة أو متاع أو دابة أو غير ذلك، فهو صدقة على المساكين، وهو يكفر بالله وبكتابه المنزل على نبيه، والله عليه بما وكد (1)، وجعل على نفسه في هذه الإيمان راع وكفيل، وكفى بالله شهيدا.
قالوا: وكان من رأي أبي جعفر الوفاء لابن هبيرة وأصحابه.
قدوم ابن هبيرة على أبي العباس قال: وذكروا أن ابن هبيرة وأصحابه لما جاءهم الكتاب بالأمان، ترددوا فيه أربعين يوما يتدبرونه، ويستخيرون الله في الخروج إليهم، ثم عزم الله له في القدوم على أبي العباس وأبي جعفر، وكان أبو مسلم كثيرا ما كتب لأبي العباس إنه قل طريق سهل يلقى فيه حجارة إلا أضر ذلك بأهله، ولا والله يصلح طريق فيه ابن هبيرة وأصحابه، وكان أبو الجهم بن عطية عين أبي مسلم على أبي العباس فكان يكتب إليه بالأخبار، وكان أبو العباس لا يقطع أمرا دون رأي أبي مسلم، وقد كان ابن هبيرة في تلك الأربعين ليلة يجمع لذلك الكتاب ممن يعبر الكلام والفقه طرفي النهار، فيترددون فيه، حتى بلغوا فيه الغاية التي يريدون، ثم خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر في ألف وثلاث مئة. فلما قدم أراد أن يدخل دار الإمارة على دابته. فقام الآذن فقال: مرحبا بك أبا خالد، انزل راشدا، وقد طاف بالدار يومئذ نحو من عشرة آلاف رجل من أهل خراسان، متلئمين في السلاح، أعينهم تزهو من تحت المغافر (2)، على عواتقهم السيوف مشهورة، وعمد الحديد بأيديهم. فأتى ابن هبيرة بوسادة، فطرحت له، فجلس عليها، ثم دعا الحاجب بالقواد، فدخلوا على أبي جعفر، ثم خرج سلام بن سلام فقال:
ادخل يا أبا خالد. قال: ومن معي؟ قال: إنما استأذنت لك، فدخل، فوضعت له وسادة فجلس، فحدثه أبو جعفر طويلا ثم نهض فركب، فأتبعه أبو جعفر بصره حتى انصرف.
قتل ابن هبيرة قال: وذكروا أن أبا العباس كتب إلى أبي جعفر: أن اقتل ابن هبيرة، فراده أبو جعفر بالكتاب. فكتب إليه أبو العباس: والله لتقتلنه أو لأبعثن إليك من يخرجه من عندك، ويتولى