الشيعة بالكوفة فأمره إن بلغه أمر فيه قوة لأبي مسلم بخراسان أن يظهر أمره بالكوفة، ويدعو إليه، ويناهض صاحب الكوفة، ففعل ذلك أبو سلمة، فلما غلظ أمر أبي مسلم بخراسان، واستولى عليها، وبعث الجيوش إلى مروان أظهر أمره بالكوفة، وطرد عامل الكوفة، فخرج هاربا.
ذكر البيعة لأبي العباس بالكوفة قال: وذكروا أن أبا مسلم لما بلغه أن أبا سلمة قد أظهر أمره بالكوفة، ودعا إلى محمد، وجه رجلا من قواده إلى الكوفة في ألفي فارس، وأمره أن يسرع السير حتى يأتيها، فأقبل ذلك القائد حتى دخل الكوفة، فلقى غلاما أسود لأبي العباس، فقال له: أين مولاك؟ قال:
هو في دار هاهنا. قال: دلني عليه، فدله على الدار، فاستفتح الباب، ثم دخل عليه، فسلم عليه بالخلافة، وكان أبو سلمة يريد صرف الخلافة إلى ولد علي بن أبي طالب، وكان ينهى أبا العباس عن الخروج، ويقول له: إن الأمر لم يتم، وإن موالي بني أمية قائمون بالحرب، والأمر أشد مما كان. فقال أبو العباس: إن أبا سلمة منعني عن الخروج حتى يولي العمال، ويعمل الخراج. فقال القائد: لعن الله أبا سلمة، والله لا أجلس حتى تخرج إلى الناس، فخرج له مع رجاله إلى المسجد، ونودي الصلاة جامعة، فصعد أبو العباس المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه، ثم ذكر بني أمية وسوء آثارهم، وذكر العدل فحض عليه، ووعد الناس خيرا، ورجا لهم الإصلاح وقسمة الفيئ على وجهه، ثم دخل الإمارة، وجلس الناس، فلما بلغ أبا سلمة خروجه أتاه يعتذر إليه، فقبل ذلك منه، وأراه المكانة منه، والخاصة به، وقد كان علم أبو العباس الذي أراد أبو سلمة من صرف الخلافة إلى ولد علي بن أبي طالب.
حرب مروان بن محمد وقتله قال: وذكروا أن قحطبة بن شبيب، لما انتهى إلى بعض كور الشام، التقى بمروان فقاتله، فانهزم مروان، فأقحم قحطبة في طلب مروان فرسه في الفرات، فحمله الماء، فمات فيه، وقد أصاب أهل عسكر قحطبة من أموال مروان، وأمتعة عسكره ما لا يحصى كثرة، فتناول اللواء حميد بن قحطبة، وعبر الفرات حتى أتى الشام، فقيل له: إن مروان ترك الطريق إلى دمشق وذهب صالح بن عبد الله بن عباس، وكان بناحية من الشام، وقد اجتمع إليه الناس لما علموا من قرابته لأمير المؤمنين، فلما اجتمع مع حميد بن قحطبة سلم إليه الأمر، وقال الناس:
إنه خرج بإظهار الدعوة لأبي العباس من غير أمره، فلما سلم الأمر إلى صالح بن علي، أتاه