يا أبا أيوب، فقال له: ما عندي غير ولدي. فقال له: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إني لك من الناصحين. فخرج سليمان من ليلته هاربا، فلحق ببعض نواحي الجزيرة وكتب إلى مواليه وصنائعه، فاجتمع إليه منهم خلق كثير، فبعث إليه أبو العباس بعثا يقاتله، فانهزم ذلك البعث، ثم بعث إليه بعثا آخر، فهزمه أيضا. قال: فتنقل سليمان عن ذلك الموضع إلى غيره، ثم بعث إليه بعثا آخر، فأسر سليمان وولده، فأتى بهما أسيرين إلى أبي العباس، فأمر، فقطعت لهما خشبتان، رقمتا إليهما، فأمر بضرب رقابهما، وصلبهما. فقال سليمان لولده:
تقدم يا بني على مصيبتي بك، فتقهقر الغلام، ثم تقدم فقتل، ثم قتل سليمان، وصلبا على باب دار الإمارة بالكوفة.
خروج السفاح على أبي العباس وخلعه قال: وذكروا أن الهيثم بن عدي أخبرهم قال: لما ولي السفاح الشام، واستصفى أموال بني أمية لنفسه، أعجبته نفسه، وحسد ابن أخيه على الخلافة فأظهر الطعن على أبي العباس، والتنقص له. فلما بلغ ذلك أبا العباس، كتب إليه يعاتبه على ما كان منه، فزاده ذلك عجبا وحسدا بما فيه، فحبس الخراج، ودعا إلى نفسه، وخلع طاعته، ثم قرب موالي بني أمية وأطمعهم، وسد ثغورهم (1)، وأبدى العزم، وأظهره على محاربة أبي العباس، فلما انتهت أخباره إلى أبي العباس، كتب إلى أبي مسلم يستغيثه، ويذكر عظيم يده عنده، ويسأله القدوم عليه لأمر السفاح، فقدم أبو مسلم، فأقام عنده أياما، ثم خرج إلى السفاح ومعه أجناده وقواده، فلقى السفاح على الفرات فهزمه، واستباح عسكره، وأخذ أسيرا، فقدم به على أبي العباس. فلما قدم إليه، وأدخل عليه قال: يا عمي أحسنا وواسينا فحسدت وبغيت، وقد رأيت تعطفا عليك، وصلة لرحمك، أن أحبسك حبسا رفيقا، حتى تؤدب نفسك، ويبدو ندمك، ثم أمر فبنى له بيت. جعل أساسه قطع الملح، فحبسه فيه. فلما كان بعد أيام أرسل الماء حول البيت، فذاب الملح، وسقط البيت عليه، فمات فيه، ورد أبا مسلم إلى عمله بخراسان، فأقام فيها بقية عامه، ثم أخرج أبو العباس أبا جعفر واليا على الموسم، وخرج أبو مسلم أيضا حاجا من خراسان.
اختلاف أبي مسلم على أبي العباس قال: وذكروا أن أبا العباس وجه أبا جعفر في ثلاثين رجلا إلى أبي مسلم، وكان فيهم الحجاج بن أرطاة الفقيه، والحسن بن الفضل الهاشمي، وعبد الله بن الحسين، فلما توجه