إليها إلا الله تعالى، وأما ما ذكرت أنه رقى إليك عني، فإنما رقاه الملاقون، المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الجمع، وكذب الغاوون المارقون، ما أردت حربا ولا خلافا، وإني لأخشى لله في ترك ذلك، منك ومن حزبك، القاسطين المحلين، حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم. ألست قاتل حجر، وأصحابه العابدين المخبتين، الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلما وعدوانا، من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهود المؤكدة، جراءة على الله واستخفافا بعهده، أو لست بقاتل عمرو بن الحمق، الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة، فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم (1) نزلت من شعف (2) الجبال، أو لست المدعي زيادا في الإسلام (3)، فزعمت أنه ابن أبي سفيان، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الولد للفراش (4) وللعاهر الحجر (5)، ثم سلطته على أهل الإسلام، يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم على جذوع النخل، سبحان الله يا معاوية! لكأنك لست من هذه الأمة، وليسوا منك. أو لست قاتل الحضرمي الذي كتب إليك فيه زيادة أنه على دين علي كرم الله وجهه، ودين علي هو دين ابن عمه صلى الله عليه وسلم، الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين: رحلة الشتاء والصيف (6)، فوضعها الله عنكم بنا، منة عليكم، وقلت فيما قلت: لا ترد هذه الأمة في فتنة، وإني لا أعلم لها فتنة أعظم من إمارتك عليها، وقلت فيما قلت: أنظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد، وإني والله ما أعرف أفضل من جهادك، فإن أفعل فإنه قربة إلى ربي، وإن لم أفعله فأستغفر الله لديني، وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى،
(١٥٦)