وأسلافك غمطا، وخروجهم عليك ودحضهم إياك عن ملكك، فداخلني من ذلك أمر حركني على الترؤف بك وعليك وامدادك بما سألت. فأما ما ذكرت من أن الاستتار تحت جناح ملك عدو، والاستظلال بكنفه آثر من الوقوع في أيدي العبيد المردة، والموت على أيدي الملوك أفضل من الموت على أيدي العبيد. فإنك اخترت أفضل الخصال، ورغبت إلينا في ذلك، فقد صدقنا قولك وقبلنا كلامك وحققنا أملك وأتممنا بغيتك وقضينا حاجتك وحمدنا سعيك وشكرنا حسن ظنك بنا. ووجهنا إليك بما سألت من الجيوش والأموال، وصيرتك لي ولدا وكنت لك أبا. فاقبض الأموال مباركا لك فيها، وقد الجيوش وسر على بركة الله وعونه، ولا يعترينك الضجر والهلع، بل تشمر لعدوك ولا تقصر فيما يجب لك إذا تطأطأت من درجتك وانحططت عن مرتبتك، فاني أرجو أن يظفرك الله بعدوك ويكبه تحت موطئ قدميك ويرد كيده في نحره ويعيدك إلى مرتبتك برجاء الله تعالى ".
وأنجده بعشرين ألفا (لا ستون الف مقاتل كما سبق عن الطبري عن الكلبي) وسير له الأموال أربعين قنطارا ذهبا. فلما وردت الجيوش على كسرى وقبض الأموال وقرأ الكتاب سار مع جيوش الروم نحو بهرام فلقيه بين المدائن وواسط (لا النهروان ولا آذربايجان) فصارت الهزيمة على بهرام وقتل أصحابه كلهم، واستباح كسرى پرويز عساكر بهرام ورجع إلى مملكته فجلس فيها وبايعه الناس.
ثم دعا بالروم فأحسن جائزتهم وصرفهم إلى صاحبهم، وبعث معهم إلى موريقي من الألطاف والأموال أضعاف ما كان أخذ منه، ورد دارا وميافارقين إلى الروم، وأمر ببناء هيكلين للنصارى بالمدائن وجعل أحدهما