بالنبوة التي آتاكها الله، وهي أجل النعم. وعن الكلبي (هشام بن محمد ت 206) قال: يريد بالنعمة: القرآن إذ كان القرآن أعظم ما أنعم الله عليه به، فأمره أن يقرأه (1).
وقال ابن إسحاق: ثم فتر الوحي عن رسول الله فترة من ذلك حتى شق ذلك عليه فأحزنه، فجاءه جبرئيل بسورة الضحى يقسم له ربه وهو الذي أكرمه بما أكرمه به: أنه ما ودعه وما قلاه، ويقول: ما صرمك فتركك وما أبغضك منذ أحبك، وما عندي من مرجعك إلي خير لك مما عجلت من الكرامة في الدنيا * (ولسوف يعطيك ربك) * من الفلج (الفوز والغلبة) في الدنيا والثواب في الآخرة * (فترضى) *. ثم يعرفه الله ما ابتدأه به من كرامته في عاجل أمره ومنه عليه في يتمه وعيلته وضلالته واستنقاذه من ذلك كله برحمته... * (وأما بنعمة ربك) * بما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوة فاذكرها وادع إليها. فجعل رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد به من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله (2).
ثم يقول: فلما دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به... قال الله تعالى له: * (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) * فأمر رسوله أن يصدع بما جاءه منه وأن يبادي الناس بأمره وأن يدعو إليه. وكان - فيما بلغني - بين ما أخفى رسول الله أمره واستتر به من مبعثه إلى أن أمره الله تعالى بإظهار دينه ثلاث