فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقول به... ثم قال لهم: إن أقرب القول فيه أن تقولوا هو ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته. فتفرقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد الا حذروه إياه وذكروا لهم أمره، فأنزل الله فيه قوله: * (ذرني ومن خلقت وحيدا...) * (1).
ثم نزل فيه خاصة وفي خمسة من أصحابه: * (إنا كفيناك المستهزئين) * ولعل سائر السبعة عشر رجلا الذين عدهم محمد بن ثور في تفسيره عن ابن عباس وابن جبير - على رواية ابن شهرآشوب - من المستهزئين، هم من المقتسمين مع المستهزئين، الذين روى الطبرسي هنا عن ابن عباس أنهم كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد، فمعه يكونون سبعة عشر رجلا. وقد ذكر عذاب ثلاثة منهم عدا المستهزئين وان كان لم يذكر عذاب الجميع الا بالاجمال، دون التفصيل.
والموسم - كما لاحظتهم - ذكر في كلا الأمرين: المقتسمين، والمستهزئين، من دون تفريق بينهما مما يحمل بظاهره على أول موسم بعد اعلان الدعوة العامة، فإن كانت طبيعة الأمور تقتضي فاصلا زمنيا أطول من موسم واحد بين الأمرين - كما هو ظاهر الحال - فمن المحتمل أن يكون الاقتسام في الموسم الأول، ثم محاولة الاعتبار بالتجربة من اختلاف آرائهم وأقوالهم في الرسول والقرآن، فالسعي في توحيد آرائهم وأقوالهم فيهما في الموسم الثاني، وأن ما نزل في الوليد والمستهزئين والمقتسمين في سورتي