وتؤيده الروايات المأثورة من طرق الشيعة وأهل السنة: أ نه (صلى الله عليه وآله) كان يكتتم في أول بعثته سنين لا يظهر فيها دعوته لعامة الناس حتى أنزل الله عليه: * (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين) * فخرج إلى الناس وأظهر الدعوة. فالسورة مكية نازلة في أول الدعوة العلنية " (1).
ثم لم يبين أ نه (صلى الله عليه وآله) إذا كان - كما قال - لا يدعو الا آحادا خفية وسرا ممن يرجو منهم الإيمان، فأين كان المستهزئون وبماذا كانوا يستهزئون؟
وكيف كان استهزاؤهم حتى أن الرسول (صلى الله عليه وآله) دعا عليهم فكفاه الله شرهم وشر استهزائهم؟ وإذا كان آخر هذه السورة بداية الإذن بالإعلان فما معنى أن تكون السورة لتعزية الرسول وصبره؟!
ولا يختص هذا الإشكال بالعلامة الطباطبائي، فقد درج الجميع على هذا القول بلا بيان لهذا الإجمال.
ولعله التفاتا إلى هذا الإشكال ودفعا له قال السيد المرتضى في " الصحيح ": بعد أن أنذر عشيرته الأقربين انتشر أمر نبوته في مكة، وبدأت قريش تتعرض لشخصه (صلى الله عليه وآله) بالاستهزاء والسخرية وأنواع التهم (2).
ومن قبله السيد الحسني فقال في " سيرة المصطفى ": لقد تحدث - بعد دعوته (صلى الله عليه وآله) عشيرته الأقربين - جميع الناس في مكة عن دعوته، وتسربت أنباؤها لخارج مكة ولم يعد أمرها خافيا على أحد من سكان مكة