وهذا لا ينسجم مع ما روى الطبري عن ابن عباس أيضا في سنوات البعثة إذ قال: بعث رسول الله لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة (1) فهل عنى بذلك أ نه (صلى الله عليه وآله) قرأ القرآن على المشركين معلنا لهم الدعوة منذ بدء البعثة حتى إذا احتبس عنه الوحي خمسة عشر يوما قالوا فيه ذلك؟
وروى الطبري عن ابن شهاب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يحدث عن فترة الوحي: بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض. قال رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -: فجئثت منه فرقا (2) وجئت فقلت: زملوني، زملوني! فدثروني فأنزل الله عز وجل: * (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر) * (3) إلى قوله:
* (والرجز فاهجر) * قال: ثم تتابع الوحي (4).
وحسب تعبير الخبر فان جابرا يصف حديث رسول الله أ نه كان يحدث عن فترة الوحي، والفترة من الفتور، وهو لا يكون في الوحي الا بين وحيين، فلا يكون الا بعد بدء الوحي، وفي نفس الخبر نص بالإشارة إلى سبق نزول ملك الوحي إليه في حراء: " فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي " وفي آخر الخبر: " ثم تتابع الوحي " في مقابل " فتر الوحي ".