قال أنوشيروان: اني لأحب ان أصدق ظنك وان تنصرف بحاجتك، ولكن مسلك الجيش إلى بلادك مسلك صعب أكره أن أغرر جندي به، وسأنظر فيما سألت.
فلم يزل مقيما عنده حتى هلك.
ونشأ معديكرب بن ذي يزن مع أمه ريحانة في حجر أبرهة، وأخبرته أمه ان أباه هو سيف بن ذي يزن، واقتصت عليه خبره، فلبث حتى مات الأشرم ومات ابنه يكسوم، وتملك أخوه مسروق، فخرج ابن ذي يزن إلى ملك الروم، ولم يذهب إلى كسرى لابطائه عن أبيه، ولكنه وجد قيصر أو هرقل لموافقته للحبشة في دينهم يحامي عنهم، فانكفأ راجعا إلى كسرى، فاعترضه يوما - وقد ركب - فصاح به: أيها الملك ان لي عندك ميراثا!
فدعا به كسرى وقال: من أنت؟ وما ميراثك؟ قال: أنا ابن الشيخ اليماني ذي يزن الذي وعدته أن تنصره فمات بحضرتك، فتلك العدة حق لي وميراث يجب عليك الخروج لي منه. فقال له: أقم حتى أنظر في أمرك.
ثم إن كسرى استشار وزراءه في توجيه الجند معه، فقال المؤبد ان (1) إن لهذا الغلام حقا بوعدك لأبيه وموته ببابك وفزع هذا إليك. وفي سجون الملك رجال ذووا نجدة وبأس، فلو أن الملك وجههم معه، فإن أصابوا ظفرا كان له، وان هلكوا كان قد استراح وأراح أهل مملكته منهم، ولم يكن ذلك ببعيد عن الصواب.
قال كسرى: هذا الرأي. وأمر بمن كان في السجون من هذا الضرب