قال: نعم أيها الملك كل آبائي كان لهم هذا النور والجمال والبهاء! فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا ويحق أن تكون سيد قومك! ثم أجلسه معه على سريره...
ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيئتك وجمالك وجلالك ما يقتضي ان انظر في حاجتك، فسلني ما شئت.
فقال له عبد المطلب: إن أصحابك عدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده!
فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني!
جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك، ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الأرض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك!
فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم وأولى به منهم!
فقال الملك: ردوا عليه سرحه. وانصرف عبد المطلب إلى مكة.
ودخل الملك بالفيل الأعظم وكان فيلا أبيض عظيم الخلقة له نابان مرصعان بأنواع الدرر والجوهر وقد زين بكل زينة حسنة وكان الملك يباهي به ملوك الأرض فدخل ومعه الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا حملوه على دخول الحرم أناخ وإذا تركوه رجع مهرولا!
فقال عبد المطلب لغلمانه: ادعوا إلي ابني... فلما جاؤوا بعبد الله أقبل إليه وقال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس، ثم اضرب ببصرك ناحية