ماء نتن، وعجز أطباؤه عنه، فلما أمسى جاء عالم من العلماء الذين كانوا معه إلى وزيره واستأذن منه على الملك، فاستأذن له الوزير، فلما خلا بالملك قال له: هل أنت نويت في هذا البيت أمرا؟ قال: أجل، فقال العالم: تب من ذلك ولك خير الدنيا والآخرة! فقال: قد تبت مما كنت نويت. فعوفي في الساعة! فآمن بالله وبإبراهيم الخليل، وخلع على الكعبة سبعة أثواب.
وهو أول من كسا الكعبة.
ثم خرج إلى يثرب - وهي أرض فيها عين ماء - فاعتزل أربعمائة عالم من الذين كانوا معه وجاؤا إلى باب الملك وقالوا: انا خرجنا من بلداننا وطفنا معك زمانا حتى جئنا إلى هذا المكان، والآن نحن نريد المقام هنا إلى آخر أعمارنا! فسألهم الوزير عن حكمة ذلك؟ قالوا: أيها الوزير! ان شرف البيت بمكة بشرف محمد صاحب القبلة إليها وصاحب القرآن والمنبر واللواء، مولده بمكة وهجرته إلى ها هنا، وإنا على رجاء ان ندركه أو يدركه أولادنا! فلما سمع الملك ذلك أذن لهم وبنى لهم دورا (1).
وهذا الخبر وان لم يصرح بكون العلماء الذين كانوا مع تبع اليمني الأول يهودا فالظاهر منه أنهم كانوا يهودا وأن نبأهم بمولد رسول الله ومهاجره كان من بشائر شريعة موسى (عليه السلام) وأيضا لم ينص الخبر على يهودية تبع بل فيه أنه لما تاب مما كان قد نواه من هدم البيت وعوفي آمن بالله وبإبراهيم الخليل، لكن يظهر من اصطحابه لعلماء اليهود مكرما لهم سامعا منهم أن المقصود بإيمانه بالله انه كان قبل ذلك فاسقا غير مؤمن في العمل بدينه. وعلى هذا فهذا الخبر أكثر انسجاما مع ما أخبر به القرآن