سيل العرم، ونزول الأوس والخزرج يثرب " المدينة " وهنا ننقل خبر اليعقوبي في ذلك لما فيه من التفصيل الخاص بهذا الصدد: قال اليعقوبي: ان تفرق أهل اليمن في البلاد وخروجهم عن ديارهم كان بسبب سيل العرم، وكان رئيس القوم عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وكان كاهنا، فتكهن أن بلاد اليمن تغرق، فأظهر غضبه على بعض ولده وباع مرباعه وخرج هو وأهل بيته، فصاروا إلى بلاد " عك " ثم ارتحلوا إلى " نجران " فحاربتهم مذحج، ثم ارتحلوا عن نجران فمروا " بمكة " وبها يومئذ " جرهم " فحاربوهم حتى أخرجوهم عن البلد، فصاروا إلى " الجحفة " ثم ارتحلوا إلى " يثرب " فتخلف بها الأوس والخزرج ابنا حارثة ابن ثعلبة بن عمرو بن عامر، ولحق بهما جماعة من الأزد من غير ابني حارثة فصاروا حلفاء لهم.
وكانت يثرب منازل اليهود، وكانوا أكثر من الأزد والأوس والخزرج فغلبوهم وقهروهم، حتى كان الرجل من اليهود ليأتي منزل الأوسي أو الخزرجي أو الأزدي فلا يمكنه دفعه عن ماله وأهله (1)، وكان رجل يقال له " الفطيون " قد تملك على اليهود فتملك على الأزد والأوس والخزرج فسامهم سوء العذاب.
فخرج مالك بن العجلان الخزرجي إلى تبع أبي كرب تبان أسعد بن ملكليكرب (2) فأعلمه بغلبة قريظة والنضير عليهم (3) فسار أبو كرب اليمني إليهم