إنما أدعو إلى الهدى والجماعة ثم وثب فخرج وركب رواحله فأقبل نحو الكوفة حتى إذا كان بالقرعاء فلقيه سلمة بن مرثد أخو بنت مرثد القابضي من همدان وكان من أشجع العرب وكان ناسكا فلما التقيا تصافحا وتساءلا لا فخبره المختار خبر الحجاز ثم قال لسلمة بن مرثد حدثني عن الناس بالكوفة قال هم كغنم ضل راعيها فقال المختار بن أبي عبيد أنا الذي أحسن رعايتها وأبلغ نهايتها فقال له سلمة اتق الله واعلم أنك ميت ومبعوث ومحاسب ومجزى بعملك إن خيرا فخير وإن شرا فشر ثم افترقا وأقبل المختار حتى انتهى إلى بحر الحيرة يوم الجمعة فنزل فاغتسل فيه وادهن دهنا يسيرا ولبس ثيابه واعتم وتقلد سيفه ثم ركب راحلته فمر بمسجد السكون وجبانة كندة لا يمر بمجلس إلا سلم على أهله وقال أبشروا بالنصر والفلج أتاكم ما تحبون وأقبل حتى مر بمسجد بنى ذهل وبنى حجر فلم يجد ثم أحدا ووجد الناس قد راحوا إلى الجمعة فأقبل حتى مر ببنى بداء فوجد عبيدة بن عمرو البدي من كندة فسلم عليه ثم قال أبشر بالنصر واليسر والفلج إنك أبا عمرو على رأى حسن لن يدع الله لك معه مأثما إلا غفره ولا ذنبا إلا ستره قال وكان عبيدة من أشجع الناس وأشعرهم وأشدهم حبا لعلى رضي الله عنه وكان لا يصبر عن الشراب فلما قال له المختار هذا القول قال له عبيدة بشرك الله بخير إنك قد بشرتنا فهل أنت مفسر لنا قال نعم فالقني في الرحل الليلة ثم مضى (قال أبو مخنف) فحدثني فضيل ابن حديج عن عبيدة بن عمرو قال قال لي المختار هذه المقالة ثم قال لي القنى في الرحل وبلغ أهل مسجدكم هذا عنى أنهم قوم أخذ الله ميثاقهم على طاعته يقتلون المحلين ويطلبون بدماء أولاد النبيين ويهديهم للنور المبين ثم مضى فقال لي كيف الطريق إلى بنى هند فقلت له أنظرني أدلك فدعوت بفرسي وقد أسرج لي فركبته قال ومضيت معه إلى بنى هند فقال دلنى على منزل إسماعيل بن كثير قال فمضيت به إلى منزله فاستخرجته فحياه ورحب به وصافحه وبشره وقال له القنى أنت وأخوك الليلة وأبو عمرو فإني قد أتيتكم بكل ما تحبون قال ثم مضى ومضينا معه حتى مر بمسجد جهينة الباطنة ثم مضى إلى باب الفيل فأناخ راحلته ثم دخل المسجد
(٤٤٨)