وأولئك أغشاء الناس وفيهم المكبوت الآسف بما كان من ذلك وأولئك نصحاء الناس لك فذهب لينصرف فقال قد صدقت جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك فان المرض لا أجر فيه ولكنه لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه وإنما أجر في القول باللسان والعمل باليد والرجل وإن الله جل ثناؤه ليدخل بصدق النية والسريرة الصالحة عالما جما من عباده الجنة قال ثم مضى على غير بعيد فلقيه عبد الله ابن وديعة الأنصاري فدنا منه وسلم عليه وسايره فقال له ما سمعت الناس يقولون في أمرنا قال منهم المعجب به ومنهم الكاره له كما قال عز وجل ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك فقال له فما قول ذوي الرأي فيه قال أما قولهم فيه فيقولون إن عليا كان له جمع عظيم ففرقه وكان له حصن حصين فهدمه فحتى متى يبنى ما هدم وحتى متى يجمع ما فرق فلو أنه كان مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذا كان ذلك الحزم فقال على أنا هدمت أم هم هدموا أنا فرقت أم هم فرقوا أما قولهم إنه لو كان مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذا كان ذلك الحزم فوالله ما غبي عن رأيي ذلك وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا طيب النفس بالموت ولقد هممت بالاقدام على القوم فنظرت إلى هذين قد ابتدراني يعنى الحسن والحسين ونظرت إلى هذين قد استقدماني يعنى عبد الله بن جعفر ومحمد بن علي فعلمت أن هذين إن هلكا انقطع نسل محمد صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة فكرهت ذلك وأشفقت على هذين أن يهلكا وقد علمت أن لولا مكاني لم يستقدما يعنى محمد بن علي وعبد الله بن جعفر وأيم الله لئن لقيتهم بعد يومى هذا لألقينهم وليسوا معي في عسكر ولا دار ثم مضى حتى إذا جزنا بنى عوف إذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية فقال على ما هذه القبور فقال قدامة بن العجلان الأزدي يا أمير المؤمنين إن خباب بن الأرت توفى بعد مخرجك فأوصى بأن يدفن في الظهر وكان الناس إنما يدفنون في دورهم وأفنيتهم فدفن بالظهر رحمه الله ودفن الناس إلى جنبه فقال على رحم الله خبابا فقد أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا وابتلى في جسمه أحوالا وان الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ثم جاء
(٤٤)