والقوم أعلم بحديثهم ان الحارث بن قيس لم يكلم مسعودا ولكنه آمن عبيد الله فحمل معه مائة ألف درهم ثم أتى بها إلى أم بسطام امرأة مسعود وهى بنت عمه ومعه عبيد الله وعبد الله ابنا زياد فاستأذن عليها فأذنت له فقال لها الحارث قد أتيتك بأمر تسودين به نساءك وتتمين به شرف قومك وتعجلين غنى ودنيا لك خاصة هذه مائة ألف درهم فاقبضها فهي لك وضمي عبيد الله قالت إني أخاف ألا يرضى مسعود بذلك ولا يقبله فقال الحارث ألبسيه ثوبا من أثوابك وأدخليه بيتك وخلى بيننا وبين مسعود فقبضت المال وفعلت فلما جاء مسعود أخبرته فأخذ برأسها فخرج عبيد الله والحارث من حجلتها عليه فقال عبيد الله قد أجازتني ابنة عمك عليك وهذا ثوبك على وطعامك في بطني وقد التفت على بيتك وشهد له على ذلك الحارث وتلطفا له حتى رضى قال أبو عبيدة وأعطى عبيد الله الحارث نحوا من خمسين ألفا فلم يزل عبيد الله في بيت مسعود حتى قتل مسعود قال أبو عبيدة فحدثني يزيد بن سمير الجرمي عن سوار بن عبد الله بن سعيد الجرمي قال فلما هرب عبيد الله غير أهل البصرة بغير أمير فاختلفوا فيمن يؤمرون عليهم ثم تراضوا برجلين يختاران لهم خيرة فيرضون بها إذا اجتمعا عليها فتراضوا بقيس بن الهيثم السلمي وبنعمان بن سفيان الراسبي راسب بن جرم بن رباب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة أن يختارا من يرضيان لهم فذكرا عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وأمه هند بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية وكان يلقب ببة وهو جد سليمان بن عبد الله بن الحارث وذكرا عبد الله بن الأسود الزهري فلما أطبقا عليهما اتعد المربد وواعد الناس أن يجتمع آراؤهم على أحد هذين قال فحضر الناس وحضرت معهم قارعة المربد أي أعلاه فجاء قيس بن الهيثم ثم جاء النعمان بعد فتجاول قيس والنعمان فأرى النعمان قيسا أن هواه في ابن الأسود ثم قال إنا لا نستطيع أن نتكلم معا وأراده أن يجعل الكلام إليه ففعل قيس وقد أعتقد أحدهما على الآخر فأخذ النعمان على الناس عهدا ليرضون بما يختار قال ثم أتى النعمان عبد الله بن الأسود فأخذه بيده وجعل يشترط عليه شرائط حتى ظن الناس انه مبايعه ثم تركه وأخذ
(٣٩٥)