ضربة في رأسه منكرة وثنى بأخرى على حبل العاتق كادت تطلع على جوفه فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق ظهر البيت فأخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطنان القصب ثم يقلبونها عليه من فوق البيت فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه في السكة فقاتلهم فأقبل عليه محمد بن الأشعث فقال يا فتى لك الأمان لا تقتل نفسك فأقبل يقاتلهم وهو يقول أقسمت لا أقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا كل امرئ يوما ملاق شرا * ويخلط البارد سخنا مرا رد شعاع الشمس فاستقرا * أخاف أن أكذب أو أغرا فقال له محمد بن الأشعث إنك لا تكذب ولا تخدع ولا تغر إن القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك وقد أثخن بالحجارة وعجز عن القتال وانبهر فأسند ظهره إلى جنب تلك الدار فدنا محمد بن الأشعث فقال لك الأمان فقال آمن أنا قال نعم وقال القوم أنت آمن غير عمرو بن عبيد الله بن العباس السلمي فإنه قال لا ناقة لي في هذا ولا جمل وتنحى * وقال ابن عقيل أما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم وأتى ببلغة فحمل عليها واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه من عنقه فكأنه عند ذلك آيس من نفسه فدمعت عيناه ثم قال هذا أول الغدر قال محمد بن الأشعث أرجو ألا لا يكون عليك بأس قال ما هو إلا الرجاء أين أمانكم إنا لله وإنا إليه راجعون وبكى فقال له عمرو بن عبيد الله بن عباس إن من يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك قال إني والله ما لنفسي أبكى ولا لها من القتل أرثى وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا ولكن أبكى لأهلي المقبلين إلى أبكى لحسين وآل حسين ثم أقبل على محمد بن الأشعث فقال يا عبد الله إني أراك والله ستعجز عن أماني فهل عندك خير تستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لساني يبلغ حسينا فإني لا أراه إلا قد خرج إليكم اليوم مقبلا أو هو خرج غدا هو وأهل بيته وإن ما ترى من جزعي لذلك فيقول إن ابن عقيل بعثني إليك وهو في أيدي القوم أسير لا يرى أن تمشى حتى تقتل وهو يقول ارجع بأهل بيتك ولا يغرك أهل الكوفة
(٢٨٠)